حركة التاريخ وقوة الحق
انتهت الحرب الباردة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وجدار برلين وانكفأت الدول التي كانت في المحور المقابل للغرب وأعلنت أنها ستعمل على تنمية اقتصاداتها والاهتمام بشؤونها المحلية بعيدا عن الصراعات الدولية .
وهذا ما زاد من عنجهية الولايات المتحدة الأمريكية وذيولها في العالم الذين اعتبروا أنهم اصبحوا قادة البشرية فاستباحوا سيادات الدول وباتت قوانينهم ملزمة للجميع في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية وحتى الاجتماعية، وهذا ما خلق مناخا من الفوضى الدولية في كل القارات وانتشرت الحروب والنزاعات والفتن العرقية والدينية والطبقية وبات شعار أمريكا في هذه المرحلة ” من ليس معنا فهو ضدنا” أي سيصبح خارج المنظومة الدولية ويحرم من جميع حقوقه بما فيها حق الحياة.
وظنت أمريكا أنها انفردت بالعالم وفهمت سكوت الدول الكبرى على أنه رضا بسيادتها للكون، فأوعزت الى دماها بمحاصرة كل من روسيا والصين و جميع الدول التي تعمل لصيانة سيادتها والحفاظ على حقوق شعوبها ، حتى ظن الإخونجي التركي أن من حقه التمدد على الحدود الروسية الصينية وفي الدول العربية وأن عودة الخلافة العثمانية أصبحت مسألة وقت، واعتقدت “إسرائيل” أنها دولة أساسية في النظام العالمي الجديد ودويلة قطر أنها مهد الديمقراطية ومصدرها للعالم العربي.
لكن كل ظنون الولايات المتحدة وأعوانها كانت ضد حركة التاريخ وقوة الحق التي استعادت مسارها مع الصمود التاريخي لسورية وبطولات جيشها وشعبها وحنكة قيادتها، ما علم العالم بأن ثمن العيش الكريم هو استقلالية القرار وحرية الخيار وليس الانضمام إلى حظيرة أمريكا وتنفيذ تعليمات سفاراتها.
إن ما نشهده اليوم من دفاع روسيا عن أمنها القومي بمجابهة خطط الناتو لمحاصرتها من خلال عملائها في أوكرانيا وتحفز الصين لاستعادة حقوقها في تايوان وإصرار إيران على كامل عناصر سيادتها وصمود دول كثيرة مثل كوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا.. ما هو إلا مخاضات لعالم جديد عنوانه انتهاء العصر الأمريكي والأحادية القطبية.