أسئلة واقعية بعيداً عن التنظير
كثر من تساءلوا ويتساءلون عن الهوية الاقتصادية، مكررين ما كانوا يسألون ولم يصلوا لجواب له سابقاً، وما زال السؤال ينمّ عن فضول معرفي أو نقد واقع لتغييره.
وحتى لا نَظلِم ونُظلَم، فمن الواقع نؤكد إجابتنا، فقبل الحرب القذرة الظالمة الهادفة لتدمير بلدنا وتجفيف طاقاته الإنتاجية وعرقلة تنميته ونموه، وبالأحرى تدمير ما بنيناه عبر جهود وعقول وإمكانات، كان أغلب من يسأل ويتساءل يسعى للتشكيك بنهج ما قبل التحول الخطير المخالف لما اتفق عليه في المؤتمر العاشر نحو اقتصاد السوق الاجتماعي وهو النهج الذي أعاد ألمانيا إلى صدارة العالم اقتصادياً بعد التدمير الممنهج وبعد محاولة جعلها فاشلة بالحرب العالمية ولكنها خططت وقررت وفعلت، وكذلك هو النهج نفسه الذي سلكته الصين الشعبية، الرعب الحاضر والقادم لمتبنّي العولمة والأمركة وما بعدهما، بحيث اختارته الصين بعد السير على النهج الاشتراكي لعقود ووجدت فيه جسراً للوصول إلى القمة ولتحصين الداخل عبر نمو وتنمية متراكمة متمايزة، وعندنا كان الاختيار للاستثمار الأمثل والأقدر للموارد والوصول إلى الجودة وزيادة الرفاهية وتحسين المؤشرات الكليّة ولكن للأسف التطبيق خالف وعاكس مقتضيات النهج المقترح ليكون هناك خلل إنتاجي تنموي هشّم النسيج وسهّل الحرب والتي كانت في إطار تنفيذ برامج لم تستطع قوى الاستكبار والاستلاب تنفيذها وما زالت تحاول ولكنها في كل مرة تصطدم بمقاومة وممانعة تعرقل ما تصبو إليه رغم وجود ثغرات وتعقيدات في الإدارة ولاختيار البرنامج المواجه لما مورس من إرهاب اقتصادي إضافة إلى النهب والسرقة والتدمير والقتل واحتلال الأراضي وعقوبات وحصار من الجميع ومضاربات وسياسات أنهكت الشعب والاقتصاد وبالتالي في الأزمات كل شيء استثنائي؛ القرارات والخيارات وما هو مرفوض وغير قانوني في ظروف الأمن والسلام قد يكون خياراً وبالتالي تكون القرارات والأدوات تجريبية ترقيعية تجزيئية وأغلبها تكتيكي في ظل إستراتيجية الحفاظ على وحدة البلاد وتأمين الاحتياجات الضرورية لتأمين متطلبات العيش ولو بالدرجات الدنيا ولكن هذه السلوكيات لا تخرج عن مرأى الشعب والمختصين ولا تعطى شرعية ومشروعية مهما كانت النتائج وبالتالي في ظل الحروب والظروف الاستثنائية ضرب من الجهل أو التجاهل أن نبحث عن هوية أو نهج واضح ومعروف لتجاوز الأزمات والندرة ، و معطاء بعدالة ومساواة تحافظ على المعنويات ومانحة لقوة الانتماء..
وبالتالي نهج أزموي يعلن مع اقترانه بأدوات مؤمنة به وتمتلك القدرات والمهنية والنزاهة لتطبيقه مع مراجعات دائمة ضمن الواقع والمخطط من إمكانات وحاجات، ومنه التمس ويلتمس كثر تناقضات سواء بالسياسات المالية أو الإدارية ، منها وليس كلها.
كان هناك انكماش نقدي وتقليص القروض لمنع المضاربات في الداخل أو الخارج بعدما مورس على سعر الصرف أقسى الإرهاب ولكن في الفترة الماضية فتحت القروض وخاصة للمشاريع الصغيرة والتسليفية مع إبقاء حدود السحب اليومي مقيدة بحدود مليونين مع إصدار قرارات لبيع العقارات والسيارات يجبر المشتري على وضع ١٥ بالمئة من قيمة العقد في المصرف بشكل يعاكس ويعقّد ويعرقل البيع في ظل ركود، وجزء كبير منه نجم عن سياسة ضريبية ورفع أسعار مواد البناء أحياناً من دون أسباب وكذلك منذ فترة صدر قرار الملاءة المالية الهادف إلى أن أي شخص يستلم منصباً يجب أن يقر بما يملك وهو سلوك جيد في ظل الشفافية ولكنه قد يكون قاصراً في ظل معرفة الجميع أن أغلب من يختار الفساد والمال الأسود غالباً ما يضع ممتلكاته بأسماء آخرين أو يضعها في بنوك خارجية ليُحتجز جزء منها كما حدث في لبنان..
المهم؛ خلال الأزمات هناك برامج للتصدي لها وصك القرارات والسياسات في كل المجالات و الانعكاسات عنها تعطي مدى صوابيتها..
ولهؤلاء نتساءل: هل هناك نهج واضح تسير عليه دول العالم ، وهل البرامج التي تفرضها المؤسسات الدولية و مخرجات مؤتمر واشنطن تعطي نهجاً واضحاً في ظل اختلاف ظروف الدول و بالتالي لا تعطي علاجاً أو دواء وإنما قد تعلّ الصحيح والسليم؟.