تصحيح المسار

اتخذت العديد من الخطوات خلال الفترة الماضية في سبيل تنظيم الدعم وتصحيح مساره الذي استمر لعقود وفقاً لمسار عشوائي يعتمد على تقديمه لجميع القطاعات والأفراد من دون استثناء ورغم الآثار الإيجابية التي تركها على اقتصادنا من خلال معدلات النمو الكبيرة التي حققناها، إلا أن عدم العدالة في الاستفادة منه كان السمة الأبرز بسبب استفادة الفعاليات الصناعية والتجارية منه بنسب أكبر من استفادة المواطنين بشكل عام، لكن غزارة الموارد النفطية والزراعية والسياحية في فترة ما قبل الحرب علينا غيبت عنا هذا الأمر..
وهذا ما ندفع ثمنه اليوم بسبب عدم استثمار مواردنا التي كانت متاحة سابقاً بالشكل الأمثل واتجاه فعالياتنا الاقتصادية إلى الاستثمارات “السهلة” القائمة على الربح الأكيد بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج ونشأ قطاع خاص في أغلبه اتكالي تعود على أخذ الكثير مقابل تقديم القليل الذي لا يذكر للاقتصاد الوطني والخزينة العامة للدولة..
ولعل الخطوات والبرامج التي أعلن عن البدء بتطبيقها خلال المرحلة القصيرة الماضية تحقق تنظيم الدعم وتوجيهه لمستحقيه، ولاسيما أن أعلى المستويات الحكومية قد أعلنت أن الدعم باقٍ ولكن يجب وضعه على المسار الصحيح الذي يؤمن لذوي الدخل المحدود احتياجاتهم بأسعار تناسب دخولهم ويحافظ على مواردنا ويصونها ويحافظ عليها للمستقبل.
أما بالنسبة لأزمات والاختناقات التي تحصل في اقتصادنا، فهي أمر اعتيادي في أي بلد ينتقل من نموذج اقتصادي إلى آخر فهو بحاجة إلى فترة زمنية معينة حتى يتأقلم معه الجميع وتبدأ نتائجه الإيجابية المتوقعة بالظهور، بغض النظر عما نتعرض له من مؤامرات، وما أصاب العالم من شلل بعد ظهور فيروس كورونا، ولعل التعديلات التي حصلت مؤخراً على أسعار المحروقات وانعكست إيجاباً على رواتب وتعويضات العاملين في الدولة أكبر دليل على أن الذي تغير هو طريقة الدعم ولم يتم إلغاؤه.
كما أن الدولة مستمرة في دعم القطاع الزراعي وخدمات التعليم والصحة والكهرباء بمبالغ ضخمة هذا إضافة إلى دعم القطاعات المنتجة والتي كان آخرها موافقة رئيس مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية بتمديد العمل ببرنامج دعم أسعار الفائدة لمدة عام، حيث تتحمل الدولة 7 % من الفائدة المحددة من المصارف على القروض التي يتم منحها بناء على البرنامج، بهدف تمكين أصحاب المشروعات من الحصول على القروض، إلى جانب تمكينهم من العودة إلى سوق العمل والاستمرار بالعملية الإنتاجية، في ظل ظروف صعبة نحن أحوج فيها لاستمرار كل مشروع في الإنتاج وتحقيق زيادات واضحة في كميات الإنتاج نتيجة الحرب الكونية والعقوبات الاقتصادية المفروضة علينا، وأعلنت هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات أنها دعمت خلال الفترة الماضية 73 مشروعاً منتجاً بمبلغ 1.5 مليار ليرة.
لهذا فالمطلوب حالياً هو الصبر وتغيير نمط التفكير والتوجه نحو العمل المنتج وعدم السكوت عن الفاسدين..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار