الكفاءة واقتصادنا سنة 2022
يعدّ هدف زيادة كفاءة العمل من أهم الأهداف المطروحة أمام السياسة الاقتصادية، ونقصد بمصطلح «الكفاءة Efficiency»، كما عرّفها المعجم الوسيط بأنها كلمة مشتقة من كلمة (كَفَأَ)،أما اقتصادياً فنقصد بها الاستخدام الأمثل في المفاضلة بين البدائل المتاحة من خلال اختيار الأفضل الذي يحقق الأهداف المنشودة بأقل تكلفة وزمن وأحسن نوعية، فالكفاءة تختلف عن الإنتاجية والمردودية برغم العلاقات العضوية بينها لكنها ليست مفهوماً مجرداً فهي غير مرئية ولكنها ملموسة من خلال أداء كلٍّ منا في مكان عمله، وزيادة الكفاءة الفردية تؤدي بشكل تلقائي إلى زيادة كفاءة المؤسسة ومن ثم الكفاءة الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الكلي، وهي أفضل الطرق لتجاوز تداعيات الحرب والإرهاب والتدمير الممنهج للعصابات الإجرامية على سورية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحديث عن هذه المفاهيم في أوقات«الأزمات والحروب» ليس شعبوياً، لأن الجميع يريد الأفضل ويتناسى تداعيات الحرب وما تسببه من تراجع في الموارد وتالياً «العرض الكلي» وزيادة نسبية في الطلب على السلع والخدمات، ويزيد منحنى العرض عن الطلب ما يخلق فجوة بينهما، وكلما كبرت هذه الفجوة صعبت إدارة توزيع السلع والخدمات, وهذا ما ندعوه « إدارة النقصان», وعادة يتم استخدام القطع الأجنبي لتأمين المتطلبات المعيشية الضرورية التي لم تعد تؤمن عن طريق مواقع الإنتاج الداخليّة، كما تتراجع الصادرات, وتالياً تراجع في قيمة الاحتياطي النقدي، وهكذا ترتفع أسعار الصرف التي تعبر عن سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأخرى، وهذه العوامل ندعوها ( العوامل الموضوعية), وبجانب هذه العوامل توجد (عوامل ذاتية ) تتعلق بكيفية إدارة الموارد وعدم تحويل الموارد المتاحة إلى إيرادات مالية ونقدية، وتزداد حدة هذه الصعوبات مع تطبيق الإرهاب الاقتصادي من ( عقوبات وحصار) ودعم للحركات الانفصالية والإرهابية كما حصل في سورية منذ تاريخ 15/2/2011، وتؤكد الدراسات والوقائع أن الاقتصاد السوري خلال هذه الحرب فقدَ أكثر من /60%/ من طاقته والدليل أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي (GDP) تراجعت من /62/ مليار دولار إلى أقل من /17/ مليار دولار، وزادت البطالة ومعدلات التضخم …إلخ، وفي هذا الوقت يصبح من الصعوبة تنفيذ الموازنة السنوية التي تعبّر عن الخطة المالية للسنة القادمة، ومن خلال تحليل الواقع الاقتصادي السوري وجدنا إصراراً على تجاوز كل هذه الصعوبات، فقد صدرت الموازنة بتاريخها المحدد وبمبلغ /13.325/ تريليون ليرة سورية، وبدأ ترتيب الأولويات المعيشية مع الإمكانات المتاحة، فقد بدأ التوجه نحو الاستثمار في الكهرباء مثلاً وحتى في مجال الطاقات البديلة, وتم صدور الكثير من القوانين الداعمة لذلك، كما تمت عودة /425/ معملاً للعمل في المجال الصناعي، وتمت إضافة /70/ ألف هكتار من الأرض إلى الأرض الزراعية، وترافق هذا مع ضخ الكثير من الاستثمارات في قطاع الموارد المائية، وتم تفعيل صندوق التمويل الاستثماري …إلخ، فهل سيكون عام /2022/ عام الانطلاقة الاقتصادية السورية، ونتوجه باتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعود المؤشرات الاقتصادية تدريجياً كما كانت عليه قبل سنة /2011/ ، فمثلاً كان معدل البطالة والتضخم أقل من /9%/ وأكد الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بأن سورية كانت قبل سنة /2011/ تغطي بحدود /80%/ من احتياجاتها وكانت تصدّر إلى أكثر من /60/ دولة من دول العالم وفي مقدمة الصادرات الأدوية والأغذية والألبسة وغيرها، ولم تكن لدينا أزمة في المحروقات أو القمح وكانت سورية من الدول الخمس الأولى في العالم في إنتاج القطن وتربية الثروة الحيوانية بمختلف أنواعها.. كل هذه الأمور قد عبّر عنها بخرائط إنتاجية واستثمارية في كل القطاعات ( الزراعية والصناعية والخدمات ) وبدأ العمل في المناطق الصناعية بوتيرة كبيرة ، وكل هذا يجب أن يبدأ من طرد القوى الاحتلالية عن أرضنا السورية بشكل عام وعن جزيرتنا السورية بشكل خاص, وهي التي تضم أكثر من /58%/ من الثروة السورية، وللرد على هذه التحديات والتداعيات المترتبة الناجمة عن الحرب يجب أن نبدأ من مواردنا المتاحة من أرضنا الخيرة وزراعة كل متر مربع متاح واستغلال كل طاقة متاحة ، وتحسين عمل قطاع الخدمات مع توثيق العلاقة مع الحلفاء والأصدقاء، وكما قال أحد علماء الاقتصاد إن للثروة أباً وأماً، أبوها العمل وأمها الثروة، واقتصادنا متنوع من زراعي وصناعي وخدمات ومطلوب منا العمل لزيادة مردودية العمل وترسيخ الثقافة الإنتاجية بدل الاستهلاكية وزيادة كفاءة العمل, وتالياً الكفاءة الاقتصادية .