بعد انفصالٍ قديم.. طلال عقيلي يطالب بدمج الفنون والعمارة في كُليّة واحدة!
“العمارة المعاصرة وأثرها في الهوية البصرية” عنوان النّدوة الثّانية التي استضافتها كلية الفنون الجميلة، ضمن أيام الفنّ التّشكيلي السّوري في موسمها الرابع، والتي كان ضيفها الوحيد الدّكتور طلال عقيلي، وأدراها كلّ من الدّكتورة سوسن الزّعبي والنّاقد التّشكيلي سعد القاسم الذي ابتدأ النّدوة بالقول: أردنا إعادة الاعتبار لفنّ العمارة -التي هي حاضنة الفنون، وكانت فيما مضى مع الفنون الجميلة في كليّة واحدة- ولم يكن أمامنا خيارات، لقد كان لدينا اسم وحيد هو الدّكتور طلال عقيلي، فهو بالإضافة إلى أنّه معماري مهم وحقيقي ويرمز للعمارة السّورية وثيق الصّلة بالفنّ التّشكيلي.
الحديث عن ماضي الفنون والعمارة يطول، ولكنّ الدّكتور طلال اختصره بالقول: كانت كلية الفنون الجميلة في ساحة التّحرير، وكان هناك تعايش وتحاور وبيئة دراسة وحالة اجتماعية جميلة.. كانت تلك المرحلة ذهبية بالنّسبة للمعماريين والفنانين، وكانت أوّل منصّة في تاريخ سورية الحديث يجتمع فيها تخصصات متشابهة، ولم يكن قرار الفصل حينها خاطئاً فقد كان التّطوّر يسير الهوينى، وكان عبارة عن تراكم، لكن اليوم وفي عصر العولمة آن الأوان لإعادة النّظر في التّشكيلة الأكاديمية والتّدريسية لكلّ ما له علاقة بالجمال والحرص على عدم السّماح باحتكاره من التّشكيل، فالشّاعر فنان والمعماري فنّان، كذلك يجب أن نعرف كيف نصل إلى المواطن العادي الذي يحسّ بالجمال أيضاً، كما يجب أن ننظر إلى العمارة بمقاييس جمالية وبحس عالٍ.
انفجارات العولمة!
وحول فنّ العمارة اليوم، يتحدّث عقيلي: الهندسة المعمارية اليوم هي التّعامل مع إفرازات المجتمع، لذلك نجدها انحصرت في إطار ضيّق جدّاً وصار العمل الإنشائي هو الأساس، وفي ظلّ انفجار العولمة صارت العمارة كلّها تشبه بعضها.. نحن اليوم نعيش تناقضاً كبيراً بين ما نفعله وبين ما لدينا من تاريخ نفتخر به.. لدينا إرث فنّي قديم ومهم ّجدّاً وتراث معماري وإنساني قديم جدّاً وهذا التّاريخ هو الورقة الوحيدة التي بين أيدينا، ويجب أن نحافظ عليها لا بقراءة الماضي لكي نبني الحاضر عليه بل بقراءة الحاضر والمستقبل لكي نبني الماضي منه.
ونوّه عقيلي بغنى مدينة دمشق الفنّي والمعماري، يقول: في دمشق المتحف الأكثر أهمية في العالم وهو المتحف الوطني، وفي محيط الجامع الأموي بدمشق هناك الكثير من الآثار، وطالبنا كثيراً بالسماح لنا بإجراء سبر للمنطقة المحيطة بالجامع الأموي لما تحتويه من آثار ولكن كان الرّفض مبرراً دائماً بأنّها منطقة مأهولة بالسّكان وبأنّ الوقت غير مناسب، مضيفاً: دمشق تراكم تاريخي لكلّ الحضارات ويجب الحفاظ عليها ولاسيّما في هذه الأزمة، وإذا كانت العمارة تعبير عن مضمون ما وكان هذا المضمون غير صحيح، فالتّحصيل الحاصل أن تكون العمارة كذلك.
ولأنّ الأجيال الحالية هي مستقبل بلد عريق كسورية، يؤكّد عقيلي أهمية الحوار بين الأجيال وتحديداً في هذه المرحلة ولاسيّما في أمور حسّاسة مثل الجمال والمواضيع الحسّية والاعتبارية، مؤكّداً أيضاً ضرورة أن يكون لدينا كلية فنون وعمارة معاً.
وتطرق عقيلي إلى أسباب الحرب الشّعواء على سورية منذ أحد عشر عاماً، يقول: الآن صرنا نعرف لماذا دّمرت مدن عربية ولماذا هذه الحرب الشّعواء على سورية منذ 11 عاماً، نحن في مرحلة إعادة إعمار ولا نريد أن تكون مدننا نسخةً عن أي مدينة ولا تصلح لمجتمعنا وبلدنا الملتزم بتاريخه، فمن غير المعقول مقارنة بلد عمره آلاف السّنين ببلد عمره خمسين عاماً.