أَردُوغَان.. لِصٌّ بِنَكهَةٍ عَصرِيَّةٍ
«اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس.. بل اكذب أكثر حتى تصدق نفسك».. هذا مثل الألماني الشهير جوزيف غوبلز، الصندوق الأسود وكاتم أسرار سيده هتلر ومهندس ماكينة الدعاية الحربية الألمانية قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية.. فكيف إذا كان الكذب من على منبر أعلى منظمة دولية وأمام كل ملوك ورؤساء وأمراء وقادة العالم؟.. هذا ما فعله «السلطان» رئيس النظام التركي رجب أردوغان في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ/76/ في 22 أيلول الجاري، ولكن هذه المرة ليس بطربوش «السلطان»، ولا بعمامة «المرشد»، وإنما بـ«كرافة» إيطالية وعطر فرنسي وطقم إنكليزي.. ولكنه «عثماني» وهذا بعض من كذباته، ونترك الحكم لكم.
دعا (لص حلب- أردوغان) إلى بذل جهد أكبر لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.. وأضاف: «نحن كدولة أنقذت كرامة الإنسانية في الأزمة السورية، ولفت إلى مرور 10 سنوات على المأساة الإنسانية في سورية التي أدت إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين من الأشخاص أمام أعين العالم بأسره». وأشار إلى أن تركيا احتضنت قرابة 4 ملايين سوري، وحاربت على الأرض التنظيمات الإرهابية التي أغرقت المنطقة بالدماء والدموع، وأدعى أن وجود جيش نظامه في إدلب حالياً أنقذ أرواح الملايين وحال دون تشريدهم، وأنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يسمح باستمرار الأزمة السورية 10 سنوات أخرى!.
على ما يبدو أن أردوغان طبق نصيحة غوبلز.. لكنه لم يتمعّن بالمقولة «تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت».. في كلام المخادع والمنافق بعض الحقيقة.. ولكنه «كلام حق يُراد به باطل» عندما يقترن ويقارن بأفعال نظامه المستمرة ومنذ عشر سنوات عجاف بحق السوريين، بل في المنطقة العربية والإقليمية والدولية.. إن استذكار التاريخ وإن كان قاسياً ومحزناً لكنه ضرورة لكشف زيف ادعاءات أردوغان لقراءة المستقبل بحيادية.
فالسوريون خير من خبروا وجرّبوا أردوغان وشعاراته البرّاقة الكاذبة، وهم أكثر من دفع ثمن خطاباته وتنظيراته ولولبياته واستداراته وإرهابه الدموي.. أليس هو من دخل بشكل مباشر في الحرب على سورية عبر فتح حدوده البرية والبحرية والجوية لكل التنظيمات الإرهابية، وضمن لهم الحماية والرعاية والتدريب؟.. وهو من أوعز لقادة المجموعات الإرهابية بنهب ثروات السوريين من نفط وغاز ومخازين أقماح وأقطان وقطعان أغنام.. أليس هو من شن حروبه العدوانية المسماة «غصن الزيتون» عام 2018 و«نبع السلام» 2019 وقام باحتلال أراض سورية على امتداد الحدود بطول 822 كم من المتوسط غرباً حتى نهر دجلة شرقاً وبعمق 35 كم للوصول إلى سدود المياه وآبار النفط والغاز في الجزيرة السورية؟.. أليس هو أيضاً من فرض المناهج التركية على مدارس المناطق التي تحتلها ميليشياته، وفرض العملة التركية واستبدل أسماء القرى والمدن والساحات والشوارع العربية بأسماء تركية؟.. أليس هو من أقام مساكن للإرهابيين الذين يدينون له بالطاعة والولاء والوفاء في تلك المناطق السورية المحتلة من نظامه؟.. أليس هو من وجّه بتبعية مدينتي الباب وجرابلس لوالي «غازي عنتاب»، وعفرين لولاية «لواء اسكندرون» المحتل أصلاً، واعزاز وريفها لوالي «كلس»؟.. أليس هو من ينشئ اليوم مدارس دينية بتمويل من مشيخة قطر وتشرف عليها أوقاف «العدالة والتنمية»؟.. وهو بذلك.. لا يعمل عفواً ولا صدفة، إنما بشكل ممنهج ومدروس، وهو بذلك يحاكي «السيناريو» الصهيوني باحتلال واستيطان وقضم أراضي الغير وتهجير سكانها لتنفيذ حلمه وحلم أجداده العثمانيين بـ«تركيا العظمى» على غرار الحلم الصهيوني بـ«إسرائيل الكبرى».
هذا بعض من كثير ما فعله أردوغان ونظامه «الإخواني» في سورية، وما يزال يختبئ وراء إصبعه، بعد أكثر من عشر سنوات مقحلات مجدبات أهلكت الحرث والنسل ودمّرت البلاد وهجّرت العباد.. وهذا ما اعترف به من على منبر الأمم المتحدة وأمام أعين وآذان قادة العالم منذ أيام.. لقد كان الأجدر به وهو الكاذب المنافق اللولبي الذي يجيد القفز بين الحبال، ومن شعار إلى شعار أن يطبق قوله تعالى: (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) ولكنه يتلطى خلف الإسلام الحنيف اللطيف العادل السمح، لتحقيق مكاسب إيديولوجية ومنافع مادية.. وفي ذات الوقت «يذرف الدموع»، ولكنها دموع التماسيح، فالتمساح يذرف الدمع وهو يلتهم فريسته.. وهكذا هو رئيس النظام التركي وحزبه «العدالة والتنمية»، ولا تخدعنّكم «دموع التماسيح العثمانية» الجديدة.
مصير أردوغان ونظامه سوف يكون لا محالة مصير أجداده الذين احتلوا سورية لمدة /400/ عام، ورغم قسوتها وممارسة كل أنواع الفساد والخراب والنهب و«التتريك» لكنهم في النهاية اندحروا منها وهم يجرون أذيال الخيبة والهزيمة.. لأن السوريين -وهذا ما يوثقه التاريخ وتشهد به الجغرافيا- لم يستكينوا لمحتل ولم يتركوا غازياً ينعم بالأمان على أرضهم المحتلة، وسيطردون أردوغان ومرتزقته كما طردوا أجداده العثمانيين.. وهذه حقائق التاريخ وأمهات الكتب لا تكذب.. والأيام بيننا؟.