الفشل الأميركي في التعاطي مع الملفات الدولية بات أمراً واضحاً ومعروفاً للجميع على الصعيدين الداخلي والخارجي فلم تعد أوراق واشنطن الإرهابية والعسكرية ولا حتى الاقتصادية الممهورة بخاتم العقوبات والضغوطات المفروضة على الدول تنفع في تغيير المناخ العام السائد داخل أميركا على الرغم من كل محاولات التعتيم عليه.. فهذا الفشل المتكرر أصبح وكأنه سلسلة متواصلة حتى ولو تغيرت وجوه ساكن البيت الأبيض بين ديمقراطي وجمهوري.
الرئيس الأميركي جو بايدن يقف اليوم أمام دعوات وصيحات عزله من منصبه وكأن المشهد يتكرر بين ما يحصل وما حصل سابقاً مع سلفه ترامب.. فعلى الرغم من أن الأمر هو ضمن السياسة الهجومية المبيتة لطرفي الحكم بهدف إفشال ولاية الطرف الآخر من خلال اللعب على إظهار الأخطاء والمحاربة من خلالها، إلا أن ما حصل في أفغانستان كان على ما يبدو نقطة الانطلاق لكابوس العزل الذي بات يجثم على صدر بايدن.
فقد تجددت الدعوات في الكونغرس الأمريكي لعزل الرئيس بايدن، وجاءت دعوات النائبة عن الحزب الجمهوري لورين بويبرت إلى عزل الرئيس جو بايدن “لتردده وعدم كفاءته في أداء المهام المنوطة به” في هذا الإطار.
كما أن النائبة في الكونغرس من الحزب الجمهوري أيضاً، مارجوري تيلور غرين، كانت قد قدمت إلى الكونغرس ثلاثة مشاريع قرار حول عزل بايدن.
في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية تم إدراج إجراءات عزل الرئيس ضد أربعة رؤساء، هم:
بيل كلينتون في قضية لوينسكي عام 1998.
قبل 20 عاماً بدأت إجراءات عزل ضد بيل كلينتون، والسبب هو أن الرئيس الأسبق واجه اتهامات الحنث باليمين وتعطيل العدالة في خضم قضية لوينسكي.
ريتشارد نيكسون ووتر غيت عام 1974.
في 1974 تم إدراج إجراءات العزل ضد الرئيس ريتشارد نيكسون بسبب فضيحة ووتيرغيت. وفي صلب القضية كانت قضية اقتحام مكاتب للحزب الديمقراطي في منطقة ووتيرغيت في حزيران 1972. وخلال هذا الاقتحام اعتقلت الشرطة خمسة رجال حاولوا تثبيت عدسات تنصت وتصوير وثائق. وهؤلاء الرجال تم تكليفهم من اللجنة الانتخابية التابعة لريتشارد نيكسون، فبات الضغط قوياً على الرئيس الذي أعيد للتو انتخابه، وحينذاك تبلورت داخل البرلمان الغالبية الضرورية لتوجيه التهمة.
أندري جونسون 1868.
الحالة الثالثة تعود إلى تاريخ أبعد، ففي عام 1868 اتُهم أندري جونسون بخرق قانون اتحادي ينظم إعفاء الوزراء من مهامهم في الحكومة. وجونسون حاول بشهور قبلها إبعاد وزير الحرب الأسبق إدفين ستانتون بسبب اختلافات سياسية عن منصبه، وعين من دون موافقة مجلس الشيوخ لورينتسو توماس كوزير حرب. والتهمة الموجهة من خصومه هي أن هذا التحرك يشكل خرقاً لحقوق البرلمان الذي صوت بغالبية ساحقة للبدء في إجراءات العزل ضد الرئيس.
دونالد ترامب وقضية أوكرانيا عام 2019.
وفي هذه القضية يتعلق الأمر بسوء مفترض لاستخدام السلطة من دونالد ترامب. ويبدو أن الرئيس الأمريكي ضغط على نظيره الأوكراني ليقوم بفتح تحقيقات ضد مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن وابنه هانتير بسبب اتهامات الفساد. والديمقراطيون يحققون في البرلمان إن كان سلوك ترامب يعلل عزله. فترامب أراد، كما يفيد الاتهام الحصول على مزايا في الانتخابات الرئاسية 2020. وفي صلب القضية توجد مكالمة هاتفية لترامب مع نظيره الأوكراني من تموز.
وهنا السؤال يبقى هل سيكون جو بايدن الرئيس الخامس الذي يتعرض لإجراءات العزل في قضية الانسحاب المذل من أفغانستان؟ سؤال برسم الأيام القادمة.