بعثات أثرية أجنبية تعاود نشاطها في سورية
أكدت المديرية العامة للآثار والمتاحف في تقريرها الشهري انتهاء أعمال ترميم المحراب المملوكي للمدرسة الجقمقية، والذي يقع في وسط المدرسة الجقمقية في دمشق التي كانت تهتم بتدريس القرآن الكريم والخط العربي والعلوم المختلفة.
وأشار التقرير الذي أعدته المديرية إلى أن الترميم تم في إطار عملية الحفاظ على أصالة المواقع الأثرية وإعادة ترميمها لما تحمله من مكانة تاريخية وعمرانية، حيث أنهى «مخبر ترميم الرسوم الجدارية» في المديرية العامة للآثار والمتاحف عملية ترميم المحراب.
ولفت التقرير الشهري الذي حصلت «تشرين» على نسخة منه، إلى أن أعمال الترميم شملت تنظيف وإزالة الأوساخ في المحراب والتصبغات اللونية والإسمنتية المتبقية من عمليات الترميم السابقة على أجزاء من أعمدته، إضافة إلى العمل على تثبيت وتنزيل الرتوشات اللونية للكتابات والأجزاء المتقشرة والمفقودة منه مثل تيجان الأعمدة التي كانت مزيّنة بورقٍ من الذهب سابقاً وتعبئة أماكن فقدان الصدف في القطع الرخامية، إضافة إلى ترميم بعض لوحات الرسوم الجدارية الموجودة على جدران المدرسة المتضرّرة نتيجة الرطوبة وحدوث تفتت وتقشر بطبقات الألوان.
«الخريطة التاريخية لدمشق»
كما شمل تقرير مديرية الآثار أيضاً إطلاق مشروع الخريطة التاريخية لمدينة دمشق باستخدام نظام المعلومات الجغرافية (GIS)، وقد بدأت مديرية التنقيب بإعداد هذا المشروع بهدف تحديد الفترات التاريخية للمباني القائمة في المدينة وفهم تطور تخطيط المدينة عبر الحقب الزمنية المختلفة التي تعاقبت عليها.
عودة البعثات الأجنبية إلى سورية
إضافة لما سبق، تحدّث التقرير عن البدء بأعمال التنقيب والدراسة للبعثة المشتركة السورية – التشيكية في موقع «تل الشامية» الأثري في محافظة اللاذقية، إذ يعدّ هذا الموقع من المواقع المهمة من حيث الموقع الجغرافي وعلاقته مع مملكة أوغاريت والساحل بشكل عام، وكان قد عمل في الموقع في وقت سابق بعثة وطنية سورية لعدة مواسم واستطاعت اكتشاف استيطان في التل يرقى إلى عصري البرونز الحديث والحديد الثاني والثالث.
معارض الآثار السورية تجول العالم
كما تطرقت مديرية الآثار في تقريرها إلى انطلاق فعاليات معرض «سورية الرائعة» في مدينة «تشنتشن» الصينية، والذي يضم 195 قطعة أثرية وفنية مهمة من مقتنيات ومجموعات متاحف سورية، وتعدّ هذه القطع الأثرية من القطع المهمة جداً وقد تم اختيارها بعناية كي تقدم صورة واضحة عن الحضارة السورية وعن عمقها وأهميتها وقدمها ودورها العالمي لكونها حضارة أسست للتمدن والاستقرار في هذا البلد الذي يُعدّ من أهم دول العالم امتلاكاً للآثار.
الاكتشافات الأثرية الحديثة
إلى ذلك، لفت التقرير إلى اكتشاف قبو أثري من الآجر يعود إلى الفترة المملوكية في أحد العقارات بحي باب السباع في مدينة حمص، إذ قام خبراء التنقيب في المديرية العامة للآثار والمتاحف – دائرة آثار حمص- بإجراء عمليات التنقيب والتوثيق اللازمة والتي كشفت عن وجود جزء من مبنى قديم مبني من الأجر, ويعود للفترة قبل الاحتلال العثماني وتدخل في الحقبة المملوكية، وهو غرفتان ذات سقف على شكل قبة وكان يستخدم لتجميع المياه المالحة.
«أطلس» المواقع الأثرية
هذا ومن المواضيع المهمة التي عملت المديرية العامة للآثار والمتاحف عليها، والتي لحظها التقرير، إنهاء المرحلة الأولى من مشروع أطلس المواقع الأثرية في سورية باستخدام نظام الـ«GIS»، إذ تركّز العمل في مديرية التنقيب على إعداد خريطة الأساس للجمهورية العربية السورية متضمّنة حدود المحافظات والمناطق والمدن والقرى والطرقات والأنهار، وتمّ تحديد إحداثيات حوالي 700 موقع أثري على الخريطة موزّعة على عدة محافظات وربطها مع المعلومات المتعلقة بها تباعاً.
وحسبما ذكر التقرير، يهدف هذا المشروع إلى إنشاء قاعدة بيانات مركزية لجميع المواقع الأثرية في الجمهورية العربية السورية وتحتوي على المخططات والصوّر والفترات التاريخية الأساسية والثانوية والبعثات العاملة الوطنية والأجنبية والأضرار بأنواعها المختلفة، وتحميلها على الخريطة بما يؤمن إمكانية إخراج خرائط مختلفة متعدّدة الأغراض بهدف التوثيق والدراسة والإحصاء والخطط المستقبلية لمشاريع التنقيب والدراسات الأثرية والمسوحات وأعمال الاستكشاف والتأهيل والترميم والصيانة والحفاظ والاستثمار الثقافي والسياحي والمسارات السياحية المختلفة المواضيع.
ترميم جماجم تعود لـ 6 آلاف سنة ق.م
وفي سياق متصل بأعمال مديرية المعمل الفني – مخبر ترميم المواد العضوية – أشار التقرير إلى أن المخبر قام بإعادة ترميم جمجمتين مقولبتين محفوظتين في متحف عصور ماقبل التاريخ بالمتحف الوطني في دمشق والتي تم اكتشافها في أحد البيوت بموقع تل الرماد جنوب غرب دمشق، وتعود تلك المكتشفات إلى فترة العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار بـ«6500 – 6000» قبل الميلاد, وبيّن أنه بعد الكشف وملاحظة التدهور الحاصل عليهما من انفصالات و انتفاخات وتقشرات بالمواد اللاصقة والطينية التي تشكل ملامح الوجه، تم اتخاذ القرار بإعادة ترميمهما وتقويتهما من خلال إزالة بؤر الأتربة والأملاح ومواد الترميم السابقة باستخدام طرق وأدوات وأساليب مختلفة من دون الإضرار بالمواد الأصلية، إضافةً إلى لصق الأجزاء المنفصلة و تقوية وتدعيم البنية العظمية والطينية.
الجدير بالذكر أن هاتين الجمجمتين تعتبران من أهم القطع الأثرية المكتشفة خلال أقدم الحفريات المنهجية لمواقع العصر الحجري الحديث في القرى الزراعية الأولى التي انتشرت في الجنوب السوري في تلك الفترة من قبل البعثة السورية الفرنسية المشتركة.
الأسواق الحلبية تنبض مجدداً
وعن أحد أهم الملفات الآثارية السورية، تحدث التقرير أنه ضمن الخطة الوطنية لإعادة الحياة إلى أسواق مدينة حلب القديمة، تمت إعادة تأهيل سوق خان الحرير وساحة الفستق من الأضرار التي لحقت بهما من جراء الإرهاب، إضافة لذلك، تم العمل حالياً على توقيع اتفاقية ترميم سوق الحبال بين محافظة حلب ووزارة الثقافة الممثلة بالمديرية العامة للآثار والمتاحف والأمانة السورية للتنمية ومجلس مدينة حلب ومؤسسة الآغا خان للثقافة.
يشار إلى أن هذه الاتفاقية تهدف بحسب التقرير، إلى إعادة إحياء الدور الاقتصادي والمجتمعي للسوق وتحديد آليات التعاون وترميم كامل القيمة المعمارية للسوق الذي يقع خلف الجامع الأموي على امتداد 65 متراً ويتضمن 57 محلاً تعرضت للدمار والخراب خلال الحرب على سورية وتشمل مهن تجارة الحبال وصياغة الذهب والفضة والصابون الحلبي.