التمويل التنموي ..!
واضح أن لدى المصارف العامة فائضاً كبيراً من السيولة المالية تسعى إلى توظيفه كيفما اتفق.. المهم ألّا يبقى مكدساً في الخزائن تنخره الأعباء والفوائد ويقضمه التضخم و سعر الصرف، خاصة بعدما أصبحت قيم الودائع وحسابات التوفير أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه قبل عدة سنوات ..!
خيراً فعلت المصارف في توجهها هذا وإن كان متأخراً؛ ولا يختلف كثيراً عما فعلته قبل 15 سنة حين تسابقت في فتح خزائنها أمام تمويل السلع الاستهلاكية والخدمية فوقعت في فخ الديون المتعثرة الذي مازالت تصارع للخروج منه نهائياً بعد تسجيل بعض هذه الديون تحت بند «معدومة» التحصيل.
توظيف المال أفضل بكثير من تكديسه لأسباب معروفة للفقير قبل ذي الملاءة «المنفوخة»؛ فكيف إذا كان المال في المصارف ..؟ لا شك في أن الحاجة إلى توظيف كل ليرة في هذه الظروف الصعبة يعد أكثر من ضروري ولكن ليس بالطريقة ذاتها وللهدف نفسه الذي كان مرسوماً قبل عقود بل علينا جميعاً التشارك في رسم الأهداف الجديدة لعمليات التمويل.. أقصد جميعاً أي إدارات المصارف وهيئة الاستثمار ووزارات الاقتصاد والمالية والإدارة المحلية إضافة إلى المجتمع الأهلي وخبراء الاقتصاد في الجامعات الحكومية والخاصة ومؤسسات التأمين وضمان مخاطر التمويل.. تجتمع تحت مظلة قانونية أو مؤسساتية لوضع خريطة تمويل شاملة وفق أهداف تنموية محددة من حيث الأولويات القطاعية والجغرافية والإنتاجية والخدمية.. من دون إغفال أهمية قيام هذه الجهات بإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروعات التي تقرر طرحها للاستثمار ومتابعة الإنجاز بالتوازي مع الكشوف المصروفة بموجب قروض التمويل الممنوحة وصولاً إلى دخول المشروع مجال الإنتاج ومن دون إهمال موضوع الإشراف على خط سير العمل لضمان نجاح المشروع واسترداد القرض كاملاً إلى المصرف، وفي هذا الإجراء أو المقترح – في حال تم الأخذ به- غايتان:
الأولى: ضمان سداد القرض كاملاً إلى المصرف المقرض، وضمان نجاح المشروع واستمراريته وتطويره من صغير أم متناهي الصغر إلى متوسط ولاحقاً كبير.
والثانية: تحقيق الهدف التنموي من عمليات توظيف فائض السيولة في المصرف أو جميع المصارف العامة وفي ذلك زيادة لموجوداتها المالية وتأسيس لقاعدة التنمية الشاملة المنشودة في المجالات كافة.