سلطة دار النشر ..!
جلس الشاعر المسكين الذي التبس عليه اسم دار النشر التي اختارها ليطبع ديوانه الثاني في دمشق، بعد أن طبع ديوانه الأول في مدينته ولم ينل حظوة في التوزيع، جلس يتذكر أن كل النسخ التي باعها له ثلاثة أصدقاء، في ثلاث مدن، وهي المهمة التي تنطعوا لها في ظل غياب توزيع دار النشر لمطبوعاتها، قد شربوا بثمنها كأس محبته. تذكر كيف التبس عليه حين راجع مكتبها متوهماً أنه مكتب دمشق لدارٍ أخرى، تعمل بشكل مشترك بين بيروت ودمشق، وأنه مع الأسف لم يحظَ الديوان بتوزيع جيد كما توهم.! لكن ما خفف الخيبة التي استذكرها أن حال كتّاب آخرين ليس بأفضل، فأدباء كثر أصدروا كتباً عن دور نشر غير واسعة الانتشار، وثمة كتب صدرت عن دور نشر تعمل خارج الأقطار العربية، فامتلكت هذه فرصة ترويج أكبر، وتساءل: هل كل ما يصدر عنها متقن الإبداع، و التي صدرت عن المحدودة الانتشار عكس ذلك؟ فثمة رواية لروائي سوري صدرت عن دار نشر في بلد عربي، بنسختها الثانية، لم تكلف إدارة الدار ذاتها بتصحيح الأخطاء اللغوية التي وردت بالنسخة الأولى، تماماً كما حدث لرواية سوري آخر صدرت روايته الأولى عن دار نشر سورية متوقفة الآن عن العمل، وبكل الأخطاء اللغوية، لكن القارئ لا يغفر للرواية الثانية ودار نشرها، ويعد دار النشر الأولى مغفورة خطاياها.! ولعل الإتقان الإبداعي لصالح الرواية التي جاءت بالكم الهائل من الأخطاء، لكن ليس في أعرافنا بالقراءة، لأننا نميل لكل ما هي صاحبة سلطة، ومن هذا المنطلق استذكر كيف مضت روائية تطلق كل آيات المديح لكاتب صاحب دار نشر تعمل في دولة أوروبية، متحملة «تحرشاته» في سبيل أن يطبع لها روايتها الثانية، على أمل أن ترشّح لجائزة البوكر، كما استذكر تهماً جزافاً تطلق على دار نشر أخرى تعمل من دولة أوروبية أيضاً، وفي مقدمتها التمويل من جهات مشبوهة، من دون أي أدلة، وبالطبع ليس كل ما يصدر عن تلك الدور، في غاية الإتقان إبداعياً، لكنه سيصبح رائجاً في المعارض والإعلام، وهذا ما يطمح إليه أي أديب، فثمة مبدعون يستحق إبداعهم التمجيد لكنه لم يلقَ الترويج الذي يليق به من قبل دار النشر، فبقي بعيداً عن المشهد الإبداعي نقدياً وإعلامياً لصالح من صدرت أعماله عن دور نشر رائجة.! فهل نعيد النظر؟