نقمة التصدير ..!
تعد القيمة المضافة مطلباً اقتصادياً ملحاً لجميع القطاعات الإنتاجية عموماً والصناعية على وجه الخصوص، وهدفاً تسعى الدول إلى إنجازه وفق أفضل الشروط الفنية ومواصفات الجودة العالمية سعياً لحجز مكانة متميزة لمنتجاتها في أسواق التصدير.
من الناحية النظرية نحن لا نختلف عن بقية الدول في السعي لتحقيق هذا المطلب الاقتصادي والهدف الإنتاجي، أما عملياً فنحن لا نوفر فرصة أو ندخر قراراً أو إجراء لزعزعة أفكار الراغبين بتحقيق ميزة القيمة المضافة عبر وضع العراقيل في طريق إنشاء البيئة الإنتاجية المتكاملة سواء من ناحية الفنية أو المادية أو حتى البشرية بل وأكثر من ذلك عندما نتخذ القرار بعد الآخر لتفريغ الأسواق من المواد الأولية .
فكثيراً ما نتحدث عن أهمية العناقيد الصناعية لكن على أرض الواقع نفتقر حتى لحبات هذه العناقيد وفي كثير من الأحيان إلى الإمكانات الفنية والتقنية والبشرية لإقامة منشأة تتولى عملية الإنتاج المتعدد المراحل والأهداف بدءاً من المادة الأولية التي يفترض أن تكون محلية وانتهاء بالسلعة التي يجب أن تتبوأ قمة الهرم الصناعي من دون منافس أو منازع لتحل بدل أخرى اعتدنا تهريبها أو استيرادها بأدنى المواصفات وعلى الأغلب مخالفة لشروط السلامة الصحية والصناعية، وانتهاء باعتماد قاعدة إنتاجية مهيأة لزراعة هذه العناقيد الصناعية في جميع المدن الصناعية على ساحة البلاد.
لكن.. كيف لنا أن نحقق هذه المعادلة الإنتاجية المتكاملة إذا كنا نصدّر معظم ما تنتجه أرضنا من مزروعات ومنتجات حيوانية وموارد طبيعية خاماً، ولم نبقِ للمعامل والورشات الحرفية ما يكفيها لتشغيل خطوط الإنتاج والآلات وفق الاستطاعة الوسطى لا القصوى لتحويل هذه المواد الأولية إلى منتجات مقبولة من حيث الإنتاج والاستهلاك ..؟
هدفنا فقط التصدير لمجرد التصدير.. محاصيل زراعية ومنتجات حيوانية وموارد طبيعية تخرج إلى الأسواق الخارجية بأبخس الأثمان تاركة خلفها مستهلكين يعانون يومياً من ارتفاع الأسعار وصناعة تعتمد على مواد أولية مستوردة أو مهربة لا فرق، المهم إنتاج بأقل التكاليف، وسلع تطرح في الأسواق المحلية بأعلى الأسعار وسط مطالبات تصل لحالة «النق» المستمر لفتح أسواق خارجية جديدة لتصديرها.
هذه الآلية المتبعة حالياً لا تحقق قيمة مضافة ولا صناعة عنقودية ولا تمكن منتجاتنا المحلية من حجز مكان لها في أسواق البلدان القريبة قبل البعيدة وللتخلص منها لابدّ من إعادة هيكلة القطاع الصناعي «العام والخاص والحرفي» على أساس الإنتاج المتكامل لا المتنافس، والجيد لا الرديء وبأعلى قيمة مضافة .. وحتى يتحقق ذلك علينا تعليق شعار «صنع في سورية»..!