حسابات الانتماء  ..!

قد يقول البعض ويكثر من القول، إننا تحدثنا كثيراً عن هموم المواطن ومعادلة الأسواق، التي تأثرت إلى حد كبير فيما يحدث على الساحة المحلية، من تداعيات سلبية لأزمة عمرها عقد وأربع سنوات، ومازالت مستمرة، إلى جانب حصار وعقوبات اقتصادية هي الأشد إيلاماً وظلماً للمواطن ، وهذا يلمسه ويتلمسه القاصي والداني..!
وما يحصل في أسواقنا المحلية من فلتان للأسعار، وفوضى كبيرة في الأسواق (وهنا نركز على الانتماء قبل البيع والشراء)، لأن ما تعيشه سورية اليوم من حرب كونية هي هدفها تدمير مكونات الحالة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والأخلاقية وغيرها من مقومات بنية الدولة..
وفي الجانب الآخر ثمة من يساعد “أهل الحرب” لتحقيق أجندتهم التخريبية, منهم من يحمل السلاح, وآخر يدمر الموارد الاقتصادية ويخرب البني التحتية, وهناك من يعمل لسرقة المواطن، رغم وجود أجهزة رقابية متعددة الأشكال والأنواع، مستغلين انشغال الإدارات ومؤسساتها في مكافحة ما تبقى من إرهاب  يعصف بأدواته التخريبية بنية المجتمع ومرتكزاته الأساسية ..!
وتالياً هذا الوضع أدى إلى عملية فرز في أسواقنا المحلية رجال الأعمال، والتي عولت الإدارات عليها في تحمل بعض الأعباء، وتوفير مستلزمات الأسواق والمستهلكين، لتحقيق نوع من الاستقرار في توافرها وجودتها واستقرار أسعارها، إلا أن البعض حدد انتماءه باتجاه السوق السوداء وسعر الصرف  وبدأ يلعب به يميناً وشمالاً، بقصد الكسب غير المشروع وزعزعة السوق واستغلال حاجة الوطن والمواطن له..؟
وآخرون جعلوا من متاجرة السوق، واحتكار المواد والسلع وسيلة الانتماء الوحيدة لهم، وهذا الانتماء يظهر بأشكال مختلفة، منها احتكار المواد والسلع بقصد تقاضي أسعار زائدة، والبعض الآخر تفكيره ينصّب في معرفة المواسم والطلب المتزايد للسلع الاستهلاكية وخاصة التي يجعل منها المستهلك (المونة) حتى يستغلها وترتفع أسعارها بحق أو من دونه, ضارباً عرض الحائط  حاجة الوطن للاستقرار في أسواقه وحاجة المواطن لها, والمهم في الأمر تجسيد انتمائه لشهواته ورغباته في الاحتكار وتكديس الثروة، وما يحدث الآن في الأسواق المحلية من استغلال لحاجة المواطن لمواد وسلع “مواسم المونة” والتي تحكمها عادات وسلوك الأسرة السورية في تأمين حاجتها من السلع لفترات زمنية، أي ما نسميها (مونة الشتوية)  كالثوم والكونسروات وغيرها من أشكال (المونة) والمناسبات ..؟
ولكن ما يحصل لا ينفي وجود تجار شرفاء, إذ إن انتماءهم الوطني هو المعيار الأساسي لتعاملهم مع الوطن والمواطن, والهدف الوحيد لديهم استقرار البلد، وعودة النشاط والحيوية إلى ربوعه وتحقيق عملية الربح المزدوجة لهم وللوطن، مع الأخذ في الحسبان مصلحة المواطن في كل حركة تجارية، متخذين “الوجدان الوطني”  المعيار الواضح والصريح لتحقيق المصلحة المشتركة..
لذلك نحن نأمل ألا تطول عملية المحاسبة، ليس على الانتماء فحسب، بل على كل الأفعال..
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار