المقاومة في غزة والإقليم تكرّس معادلتي الردع والرعب وترسم الطريق بدقة واستراتيجية وتضع الكيان أمام تساؤلات المصير

تشرين- هبا علي أحمد:
تتسيّد المقاومة في فلسطين وفي جبهات الإقليم المساندة لغزة المشهد في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع، إذ إنّ كل مناورات كيان الاحتلال والولايات المتحدة الأميركية من ورائه في سياق المسار التفاوضي لم تستطع إيقاف المقاومة عن الاستمرار بعملياتها في مواجهة العدوان وتصعيدها، ومع تكثيف كيان الاحتلال مجازره تكثف المقاومة الفلسطينية عملياتها النوعية الموثقة بالصوت والصورة، وهذا ركنٌ أساسي في معركة الصراع مع العدو الدائرة حالياً، في حين يواجه الشمال أياماً مصيرية في المعركة مع المقاومة اللبنانية –حزب الله- ورغم همجية العدوان على غزة إلّا أنّ نتائجه القاسية ارتدّت على الكيان ذاته، حيث إن مستوطنات الغلاف والحدود اللبنانية باتت خالية ولا أفق لعودة المستوطنين إليها، أما الجبهة اليمنية فتتكفل بالإيلام الاقتصادي للاحتلال في البحرين الأحمر والمتوسط وخليج عدن وصولاً إلى المحيط الهندي، والمقاومة العراقية تواصل الإسناد.. أمام هذا الواقع وفي ظل فشل التفاوض أقلّه إلى الآن – ولو أن الخواتيم معروفة مسبقاً- تبقى الكلمة الأولى والأخيرة للميدان الذي تحكمه المقاومة كما كانت منذ بداية عملية «طوفان الأقصى»، وفيما المقاومة تدرك طريقها وترسمه بدقة وعناية واستراتيجية، يتخبط كيان الاحتلال وسط سؤال: «هل نصل إلى مئويتنا؟»

الكلمة الأولى والأخيرة للميدان الذي تحكمه المقاومة التي تدرك طريقها وترسمه بدقة واستراتيجية في حين يتخبط كيان الاحتلال وسط تساؤلات مصيرية

الترجمة في الميدان
ولأن الكلمة للمقاومة فهي تترجمها في الميدان وعلى الأرض في مختلف محاور القتال في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه الذي يشهد اشتباكات ضارية تخوضها المقاومة ضد العدو من مسافات قريبة وبالأسلحة المناسبة والمتنوعة، حيث تصطاد جنود الاحتلال وآلياته، وأوضحت مصادر إعلامية أنّ المقاومة بمختلف فصائلها خاضت اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال في محور التقدم شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، أمّا شرق رفح فتصدّت المقاومة لعملية التوغل الإسرائيلي في المنطقة، مع استهداف ناقلة جند إسرائيلية ودبابة «ميركافا» بقذيفتي «الياسين 105»، إلى جانب دكّ تحشيدات الاحتلال داخل معبر رفح بقذائف الهاون من العيار الثقيل.
بالتزامن، تتعمّق انكسارات جيش الاحتلال على جبهة الشمال وسط عجز واضح عن التعامل مع سلاح حزب الله – المسيّرات الانقضاضية- التي تحدّثت عنها وسائل إعلام العدو بأنها أسلحة كاسرة للتوازن، إذ شنّت المقاومة اللبنانية هجوماً جوياً ‏بسرب ‏من المسيّرات الانقضاضية على خيم استقرار ومنامة ضباط وجنود العدو في الموقع ‏المستحدث ‏لكتيبة المدفعية الاحتياطية 403 التابعة للفرقة 91 جنوب بيت هلل، وأصابت أهدافها ‏بشكل مباشر، ‏وأوقعت ضباط وجنود العدو بين قتيل وجريح، إلى جانب هجوم على دبابة «ميركافا» في ثكنة «يفتاح» بصاروخ موجه ‌‏وسقوط طاقمها بين قتيل وجريح، إضافة إلى استهداف ‌‏تحركات العدو داخل موقع بركة ريشا بقذائف المدفعية، ‏ما أسفر عن تحقيق ‏إصابات مباشرة، وبذلك تعمد المقاومة اللبنانية على تكريس معادلتي الردع والرعب معاً في سياق الصراع مع العدو.

نتنياهو وعد بالدفاع عن «إسرائيل» لكنه عمل على إضعافها وتفكيكها حتى إنّ وجودها أصبح موضع شك للمرة الأولى ولابد من استقالته وتحمّله المسؤولية

وجود الكيان موضع شك
التطورات التي يشهدها العدوان على غزة وتداعياته العكسيّة على كيان الاحتلال شغلت وسائل إعلام العدو التي تطرح تساؤلات يومية مصيرية محمّلة المسؤولية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يسعى إلى مكاسب شخصية – سياسية غير آبه لكل ما يمر به كيانه المحتل، إذ تساءلت صحيفة «هآرتس» عمّا إذا كانت «إسرائيل» ستحتفل بيوبيل المئة سنة بعد إخفاقات نتنياهو منذ عودته إلى السلطة؟
وقالت الصحيفة: «نتنياهو وعد، قبل 7 سنوات، بفعل كل شيء دفاعاً عن «إسرائيل»، حتى تصل إلى الذكرى المئوية لتأسيسها، لكنه كالعادة فعل عكس ما وعد به، وبدلاً من الدفاع عنها عمل على إضعافها وتفكيكها، حتى إنّ وجودها أصبح موضع شك للمرة الأولى»، مضيفة: «مهمة نتنياهو كانت تفكيك النظام، حيث ركّز على بقائه السياسي، واستمر في تقسيم الجمهور وإثارة النزاع ورفض تحمّل المسؤولية عن الفشل، ويقودنا إلى مواجهة كارثية مع الولايات المتحدة من خلال رفض أي تسوية سياسية لليوم التالي، والإصرار على العمل في رفح».
وختمت الصحيفة: نتنياهو مشى وعيناه مفتوحتان إلى الفخ الذي نصبه له زعيم «حماس» في غزة، يحيى السنوار، في 7 تشرين الأول، والطريقة الوحيدة لإنقاذنا استقالة نتنياهو وتحمّله المسؤولية.

تكلفة باهظة
أما واشنطن فتستمر في مسلسلها التحذيري الاستعراضي ومعه يستمر الخلاف الأميركي- الإسرائيلي الظاهري، إذ إنه مهما تضاربت التصريحات فإنّ التوجهات واحدة في العدوانية والوحشية، ولا يمكن التصديق بأن واشنطن لا تستطيع التأثير في الكيان، لكن سياقات التصريحات الأميركية وأسبابها وخلفياتها باتت واضحة للجميع وهي فقط للتخفيف من ضغط الرأي العام العالمي والضغط الطلابي داخل جامعاتها، لذلك من الطبيعي أمام ذلك أن يحذّر ظاهرياً فقط وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أنّ هجوماً إسرائيلياً واسعاً على رفح سيثير فوضى، قائلاً: إنّ هجوماً واسع النطاق يمكن أن يأتي بتكلفة باهظة بشكل لا يُصدّق، معتبراً أن الهجوم الواسع النطاق على رفح من غير المرجّح أن يُنهي «تهديد حماس»، مؤكداً أنّ «حماس» عادت إلى مناطق دخلت إليها «إسرائيل» في الشمال، وحصل ذلك حتى في خان يونس، المدينة الجنوبية القريبة من رفح.
في حين قال نتنياهو:«لا تراجع عن مواصلة العمليات في غزة حتى تحقيق الانتصار الكامل، وأن فكرة إبعاد قادة حماس من قطاع غزة مطروحة في المناقشات».

قرب انهيار المنظومة الصحية في القطاع نتيجة عدم إدخال الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات وسيارات الإسعاف

يوميات العدوان
في هذه الأثناء يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة لليوم الـ220، مستهدفاً المدنيين، حيث قصف الاحتلال بالطيران والمدفعية منازل في رفح جنوب القطاع ومخيم جباليا شماله وحي الشجاعية بمدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين، إضافة إلى تدمير عدد كبير من المنازل.
وأجبرت قوات الاحتلال مئات الفلسطينيين على مغادرة مراكز الإيواء في مخيم جباليا، واستهدفت مركبات الإسعاف التي تحاول التحرك داخل المخيم للوصول إلى المصابين.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أنّ ساعات قليلة تفصلنا عن انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة نتيجة عدم إدخال الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات وسيارات الإسعاف.

وكانت الوزارة قد أعلنت أمس ارتفاع عدد ضحايا عدوان الاحتلال المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي إلى 35034 شهيداً و78755 جريحاً.

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار