أسبوع افتراضي كامل يضج باحتفالية عيد أب لم يفاجئني المرور المحدث للمناسبة بأجندتنا، بقدر ماتحسرت على طفولتي وإخوتي من دون هذه المناسبة، وحسرتي مصدرها مزاج والدي السيئ وغيرته من والدتي واحتفالنا بها بعيد الأم، ودائماً كان يتذمر ويصرّح علانية بجحود الروزنامة وشحِّ عطائها مع الأب الذي يضحي ويعمل ويؤثر أبناءه على نفسه، وحنانه يضاهي حنان الأم وعلى حدّ تعبيره يمكن أن تتجاوز حنِّية الأب حنية الأم على أطفالها إلا أن الصيت لفؤاد الأم والهدايا والاحتفالات لست الحبايب التي لولا سيد الحبايب ما كانت أماً …
غيرة والدي من والدتي المحتفى بها جعلنا وإخوتي نبحث في الروزنامة عن عيد نحتفل فيه بالأب .. وكان عيد الجيش أفضل مناسبة للاحتفاء به وهو البطل التشريني الذي خاض الحرب في وجه العدوان الصهيوني مرتين نكسة ونصراً .. ومع إن «سِفرة» بيتنا كانت تشي بوجود احتفال طفولي بالأب الغيور مع بعض الهدايا الرمزية التي لم تكن على أيامنا، مفتوحة الخيارات كما هي حال هدايا الأم مع التأكيد على حضور ابتسامة صفراء على وجه والدتي رغم ماتدّعيه من اهتمام وطبخ وتحضير وجبة تناسب المائدة..
احتفالنا بوالدي كل عام كان ينحصر بتحسين السِّفرة، حتى اختصر فيما بعد لمجرد معايدة شفوية وقبلة يد وجبين..
ولم يكن الموضوع مرتبطاً بمجرد المقارنة مابين احتفالين، الأم فيه هي الفائز بجدارة، بل الأمر كان يتعدى كونه حالة مفاخرة و«فشخرة» أنثوية ليتحول لعصر ذاكرة وذرف دموع من أبي وأمي وهو يقص علينا في (عيده) حكايا الحرب و بطولاتهم وكيف استشهد بين يديه وأمام عينيه الأصدقاء..
اليوم وعيد الأب يضج بالتهاني والمباركات وينافس بشدة عيد الأم والمرأة و”الفالنتاين”.. إلا أن القلب ماعاد قادراً على ضخ الأفراح .. والعوائل صارت قيد مسافة تقيد حضورَها رسالةُ بنزين ومازوت و ميكروباص حردان يأبى المسير حتى يضاعف الركاب الأجرة .
لنعود إلى سابق عهدنا ونقتصر على معايدة تلفونية، الجديد فيها فيديو يلقي فيه الجد التحية على الأحفاد.