على قدر أهل العزم تأتي العزائم
تتعالى أصوات ذوي الشهداء والجرحى مجدداً لتجميد قرار وزارة الإدارة المحلية والبيئة، القاضي بإزالة الأكشاك الخاصة بهم، التي يعملون فيها منذ سنوات بعد تأسيس مشاريعهم المتناهية الصغر التي نجحت وباتت مصدر رزقهم الوحيد، وكل كشك يعتاش منه أكثر من عائلة.
فهل إزالة الأكشاك في هذا التوقيت قرار صائب؟ وهل البديل موجود ومناسب؟
عندما أخذت الوحدات الإدارية قرارها السماح بالتراخيص المؤقتة لهذه الأكشاك في أماكن غير مناسبة وغير حضارية ومشوهة للمنظر العام، وجلها احتل الأرصفة وجزءاً من الشوراع، كتبنا حينها أن الأجدى وعلى المدى البعيد إقامة أسواق شعبية منظمة ذات طابع اجتماعي وخدمي في موقع جيد في المدن مخصصة لهذه الفئة التي قدمت الكثير، بدلاً من أن نحوّل مدننا لمدن الصفيح.
لكنّ نداءنا حينها لم يلق آذاناً مصغية واستمروا في تخصيص الأكشاك على الأرصفة وفي مواقع متفرقة من مدننا، وعمل ذوو الشهداء والجرحى على بناء الأكشاك على نفقتهم الخاصة، الكثير منهم كما ذكرنا أسس مشروعه الخاص واستطاع أن يؤمن قوت يومه، وآخرون أجّروا أكشاكهم، وقليل منهم باعها ، وأصبحت هذه الأكشاك أسواقاً تستقطب الكثير من المواطنين، وخاصة أن أغلبها موزع في الأحياء الشعبية وتستمر بعملها حتى منتصف الليل.
اليوم وقد بدأت مجالس المدن بإزالة الأكشاك غير المرخصة، ومنها مجلس مدينة طرطوس، حيث بدأ بإزالة خمسين كشكاً موزعة في أرجاء المدينة، مع نيتهم تخصيص أماكن جديدة لإقامة أسواق خاصة بذوي الشهداء والجرحى، وفي مدينة بانياس تم تخصيص سوق الحرف بديلاً عن الأكشاك القائمة.
حوالي عشر سنوات مضت على إقامة هذه الأكشاك التي واجهت الكثير من الصعوبات لتبدأ انطلاقتها وتحقق الغاية المرجوة منها، وهي تأمين مصدر رزق ثابت لهذه الفئة، وبعد استقرار هم تفاجؤوا بقرار الإزالة، وهم اليوم يرفضون أي مكان آخر، وخاصة ضمن الأسواق التجارية التي تغلق أبوابها ظهراً، وتصبح الحركة فيها شبه معدومة، ما سينعكس سلباً على الواقع المعيشي لتلك الأسر.
لسنا ضد تنظيم وتسوية مدننا السياحية وإزالة التلوث البصري عنها، ولكن يفترض على مجالس المدن قبل أن تخطو أي خطوة باتجاه الإزالة، تأمين أسواق خاصة بأماكن شعبية وسط المدن، وتشييد أكشاك ذات طابع معماري موحد يكون سوقاً تجارياً مميزاً يليق بأصحاب الهمم أولاً وبمدننا السياحية ثانياً، لا أن نتركهم يصارعون الحياة من جديد، وهم من قدم لنا الحياة، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.