الأديب رشاد أبو شاور لـ”تشرين”: القضية الفلسطينية حاضرة في الرّواية العربية لكن ليس كما يجب

(المثقف العربي الذي لا موقف له قبل المعركة الكبيرة مع الشّعب الفلسطيني لا موقف له من بعد، والذي لا يؤمن بالمقاومة لتحرير فلسطين لا يؤمن بأي شيء ربما يعدّه نوعاً من إضاعة الوقت والدم ولو من باب الشّفقة الخبيثة)، يقول الصّحفي والأديب رشاد أبو شاور ويضيف: الكاتب المؤمن بعروبة فلسطين وبأنّ المشروع الصّهيوني يهدد الأمة كلّها طبعاً له موقف وهو منحاز للمعركة في فلسطين ولاسيّما هذه المعركة التي قامت فيها فلسطين كلّها، المثقف الذي لا ينتبه إلى هذا لا يريد أن يكون مع أي شيء في أمّته.. أنا ككاتب معني جدّاً بما يحدث في سورية من أوّل لحظة..واليمن وليبيا..
المثقّف الذي يتربّى قومياً قطعاً ينظر إلى كلّ معارك أمّته من منظور أنّها تخصّ الأمّة ونهوضها ولا يمكنني أن أفكر تفكير التّعاطف مع سورية، بالنّسبة إليّ إن هزمت سورية هزمت فلسطين.. وكذلك الأمر بالنّسبة لليمن.
وفي حوار خاص لصحيفة (تشرين) خلال زيارته لسورية.. يتحدّث أبو شاور عن حضور القضية الفلسطينية في الرّواية العربية، ويقول: في الرّواية المصرية لا أقرأ رواية أو اثنتين، أمّا في القصّة القصيرة من الممكن أن تكون حاضرة أكثر، وفي الرّواية السّورية القضية الفلسطينية موجودة وذلك بحكم انتماء فلسطين لسورية، لكن فلسطين حاضرة في الشّعر أكثر بكثير، لأنّ فيه شيئاً مختلفاً عن الرّواية التي تحتاج الكثير من الأمور منها معرفة المجتمع الفلسطيني والبيئة والفكر.. القضية الفلسطينية موجودة في الرّواية العربية لكن ليس كما يجب.
يقدّم بعض الكتّاب الفلسطينيين الموجودين في سورية فلسطين حسبما تختزن ذاكرتهم وحسبما تروي الأمهات والجدّات، لكن هل هذا يكفي لتقديم القضية الفلسطينية أو المجتمع الفلسطيني؟ يجيب أبو شاور: هنا تتدخل أمور عدّة، فالإنسان ابن بيئته ويحمل قضيته لكن يعيش خارج وطنه، مثلاً الفلسطيني الذي يعيش في سورية يتحدّث عن الفلسطيني في سورية ونسيج المجتمع السّوري وهؤلاء يقدّمون جانباً لا يستطيع أن يقدمه الشخص الموجود في الأردن، فالكاتب الذي لم يعش في فلسطين ولم يرها ويعايش ترابها وأرضها سيواجه مشكلة.. حتّى الكتابة عن بيارات الليمون لم تعد شيئاً كثيراً، كانت رومانسية للأجيال السّابقة ..أمّا اليوم فلم تعد هناك بيارات ليمون، مثلاً أنا كتبت رواية عن الانتفاضة عندما ذهبت إلى نابلس، وكنت أمرّ بحارات تثير الدّهشة من حيث العمارة على الرّغم من أنّي زرتها في السّابق مرّات عدّة، أعتقد لو أنّ غيري من أهل نابلس كتب رواية لكتب أفضل مني، مثلاً أنا من الخليل عشت فيها طفولتي وعندما كتبت عنها كتبت ما تختزن الذّاكرة لكن عندما زرتها وأنا كبير كانت واضحة أكثر بالنّسبة إليّ ومختلفة.
ويؤكّد أبو شاور: المعايشة مشكلة كبيرة بالنّسبة للكاتب الفلسطيني لذلك يجب أن نلتمس عذراً للذي يعيش خارج فلسطين، هناك أشخاص ولدوا في أمريكا مثلاً ولا يزالون يتحدّثون باللهجة الفلسطينية ويرتدون الزّي الفلسطيني، لكن هؤلاء يعودون كلّ سنة إلى فلسطين بسبب انتهاء مدّة جواز السّفر ويزورون قريتهم..
وبالسّؤال عمّا إذا كان للقصيدة أو الرّواية تأثير في الرّأي السّياسي العام؟، يوضّح أبو شاور: عندما كتب غسان كنفاني (رجال تحت الشّمس) كلّ فلسطين والوطن العربي قرأها.. نعم تؤثّر.. هناك روايات كثيرة لكتّاب فلسطينيين مقروءة ومطبوعة كثيراً مثل أعمال جبرا وأمين الحبيب وغسان كنفاني وروايتي “العشّاق” طبعتها ثماني طبعات والأولى صدرت هنا في دمشق، لقد كان الأدب الفلسطيني مطلوباً أيّام الانتفاضة وبعد حزيران من رواية وشعر وقصة وكانت المطابع تطبع خمسة آلاف وعشرة آلاف نسخة، أمّا اليوم بالكاد نطبع خمسمئة نسخة ولا توزّع، مبيناً السبب: حدثت مصاعب كثيرة في الوطن العربي، مثلاً العراق كان يقرأ جدّاً ويستهلك من الكتب النّاجحة قليلاً حتى الثلاثين ألف نسخة وروايتي “أيام الحب والموت” صدرت عام 1973 ولمّا كان لها قرّاؤها لم توزّعها المكتبة بل صارت تبيعها، مثلاً مكتبة “العودة” كانت تطبع خمسة آلاف نسخة من كلّ عمل وتقدّم المكافآت سلفاً.

لكن ما الذي يجعل المثقّف العربي يبتعد عن الرّوايات الوطنية سواء أكان قارئاً أم كاتباً؟ يجيب أبو شاور: القراءة كلّها تراجعت، اليوم إذا صدرت رواية فيها بعض الإثارة مثل روايات أحلام مستغانمي تُقرأ وتحضر الشّرطة كي تبعد النّاس عن الكاتبة والنّاشر يتّصل بالموزّعين في الوطن العربي لكي يأخذوا نسختهم مباشرةً قبل أن يبدأ التّزوير.. نجيب محفوظ لم يكن يبيع هذا الرّقم.. موجة وتمرّ.. في سورية من يقرأ اليوم .. من يشتري رواية بخمسة آلاف ليرة سورية لو كنت أعيش هنا لما اشتريتها؟ ..في العراق هناك من يبيع مكتبته حتى تعيش أسرته، وفي اليمن النّاس تحت القصف والموت، وفي مصر الرّواية القادمة من سورية مثلاً تباع بمئتي جنيه.. أنا عندما يقول لي الناشر سأطبع فقط خمسمئة نسخة أقول له اطبع أربعمئة، لا مشكلة لديّ ولا أطلب مكافأتي لأنّ غيري يدفع له كي يطبع منتوجه الأدبي، مع العلم أنّي أخذت كل مكافآتي، واليوم المكافآت بسيطة ليست كما السّابق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إصابة مدنيين اثنين جراء عدوان إسرائيلي استهدف منطقة القصير بريف حمص (وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه سورية تترأس اجتماع الدورة السادسة للمجلس العربي للسكان والتنمية في القاهرة الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان