التمويل الأصغر .. مولد دخل مضمون النتائج
تحسين مستوى المعيشة للمواطن من أولويات العمل الحكومي, وقبلها اهتمامات القيادة السياسية والتي تجلت بمجموعة من الإجراءات والمراسيم والقوانين التي جميعها تصب في اتجاه واحد يكمن في تأمين معيشة آمنة للمواطن وخاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعاني فيها تبعات حرب لأكثر من عشر سنوات, وحصار اقتصادي ظالم, وعقوبات جائرة استهدفت كل مكونات المجتمع, ومن أهم هذه المراسيم والقوانين التي صدرت القانون رقم 8 والقاضي بالسماح بإحداث مصارف التمويل الأصغر
والتي بدأت خطوات التنفيذ على أرض الواقع بترجمة فورية زاد عدد القروض فيها المئات لدعم مشاريع صغيرة ومتناهية في الصغر قوامها أسر تحتاج لرأس المال لتحقيق انطلاقة إنتاجية ومعيشية تؤمن استقراراً هادفاً يبدأ بالأسرة وصولاً إلى المجتمع ككل, وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان من حيث الأهمية ومن حيث الاستهداف, وحتى الحالة الاجتماعية والاقتصادية التي يبنى عليها الكثير من مقومات اقتصاد يسعى لتحقيق تنمية شاملة مستدامة تبدأ أولى خطواتها بإنعاش المكون الأساسي في المجتمع ألا وهو (الأسرة) وخاصة ذوي الدخل المحدود والعوائل والأسر الأشد فقراً، هذا ما أكده الدكتور غسان حداد – جامعة دمشق كلية الهندسية المدنية – مضيفاً : أن الحالة الاجتماعية التي يستهدفها القانون هي الأساس في أي تنمية وتنوع حالة الاستهداف هي بمثابة بوابة عبور لكل أسرة تحاول الانطلاق بخطوات جادة لتحسين مستوى المعيشة ليس على المستوى الفردي فحسب بل على مستوى كلي على اعتبار أن أي مشروع يحتاج لأيدٍ عاملة مساعدة سواء بالعمل المنتج أم بالعملية التسويقية المرتبطة بنجاح القاعدة الإنتاجية, وبالتالي هذه الترجمة لا تستهدف فقط أسرة بعينها, أو مشروع بذاته بل يستهدف حالة اجتماعية واقتصادية قوامها مجموعة أسر تشكل كل مترابط مساهم في تحسين مداخيل معيشية لمجموعة أسر تحقق تنمية مستدامة تعكس صورتها الإيجابية على المجتمع بكل مكوناته ..
وأيده الدكتور سليمان الحسن – كلية الغزل والنسيج بجامعة دمشق – مؤكداً أن القانون رقم 8 الذي سمح بموجبه بتأسيس مصارف مهمتها التمويل الأصغر, وغايتها الأساسية تمويل مشروعات تحمل صفة المتناهية في الصغر وهذه تفتقد لرأس المال الذي يسمح لها بولادة حقيقية على أرض الواقع تنعش بالدرجة الأولى شريحة واسعة من محدودي ومعدومي الدخل عبر منحهم قروضاً تشغيلية تؤسس لمصادر دخل تكتسب صفة الديمومة والاستمرارية في العمل نحو معيشة أفضل من جهة واستقرار اجتماعي من جهة أخرى .
وأشار الحسن أن هذه الخطوة بحجم ألف خطوة أو إجراء اقتصادي يمكن اتخاذه باتجاه تحقيق نوع من الاستقرار المعيشي وصولاً لتنمية مستدامة شاملة يتم من خلالها استيعاب العمالة العاطلة عن العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي التي تراجعت خلال سنوات الحرب على سورية نتيجة تدمير معظم مكونات الاقتصاد الوطني لاسيما المنشآت الصناعية وآلاف الحرف الصناعية التي كانت تستوعب مئات الآلاف من الشباب الوافد إلى سوق العمل سنوياً ..
وبالتالي القانون رقم 8 سيشكل حالة إنتاجية تعكس إيجابيتها بصورة مباشرة على الأسر وخاصة المنتج منها والتي تمتلك أرضية ومقومات الانطلاق بمشروعات إنتاجية لكنها محكومة بنقص المال وهذا ما سيوفره القانون رقم 8 الخاص بالتمويل الأصغر, والذي سيحقق نقلة نوعية في الاكتفاء الذاتي بدءاً من مكون الأسرة وصولاً إلى مكون الاقتصاد الكلي على اعتبار أن قوة الأسرة المادية والاجتماعية هي بمثابة قوة للاقتصاد الوطني بكل أبعاده الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها …