توافقات ومواقف تبعث على التساؤل!
ما يثير الريبة من جهة والاستهجان من جهة أخرى، هو ما أعلن عنه النظام التركي وبعض مشيخات الخليج مؤخراً و«بمباركة» من مملكة الرمال، عن أنهم توافقوا على تأييد إنهاء الحرب على سورية وفق حل سياسي يرضي جميع الأطراف، وهذا بدوره يدفع للتساؤل: أي أطراف يقصدون؟.
بداية لابد من القول لهؤلاء إننا لم نكن ننتظر توافقهم أو رضاهم؟ لو كان أمر “توافقهم” لمصلحة الشعب العربي السوري، لحصل هذا قبل 10 سنوات، وليس بعد كل هذه الحرب المدمرة؟
وعليه، هل تراهم يقصدون “معارضاتهم” الدمى التي صنعوها في منتجعاتهم وخيامهم؟ إن كان هذا هو المقصود، فهو يدل على مدى الترابط بين النظام التركي الإخواني والمشيخات الخليجية و”معارضاتهم الإرهابية” بغرفة عمليات واحدة، منها حُددت ساعة الصفر للهجوم على سورية، وهم وراء إطالة أمد الحرب عليها، وهم من تلذذوا بمعاناة شعبها منذ اليوم الأول، وصولاً إلى «مباركة» الإجراءات الأمريكية والغربية القسرية غير الشرعية بحق الشعب السوري.
هذا “التغير” إن صح التعبير، ليس ناجماً عن قناعاتهم وإنما هو مرتبط بقناعات سيدهم الأمريكي وعدم قدرته على الاستمرار في هذه الحرب، فكانت “الاستدارة” من المشيخات والنظام التركي.
بل ما كانت لتكون بهذه الصورة لولا أن الأصيل المشغّل أيقن بفشله بعد السنوات العشر العجاف التي رمى خلالها بكل أوراقه فوق الطاولة، وأراد اليوم الخروج ليحفظ ما بقي من ماء الوجه.
السوريون خير من خبروا الشعارات البراقة الكاذبة لهذه المشيخات التي كانت ومازالت -أي المشيخات- تنسق مع النظام التركي، والسوريون هم أكثر من دفع ثمن خطابات –المشيخات ذاتها- واستداراتها ولولبيتها وإرهابها الدموي المشهود والموصوف.
أليس أردوغان هو من شارك بشكل مباشر في الحرب على سورية عبر فتح حدود بلاده البرية والبحرية والجوية لكل التنظيمات الإرهابية، وضمن لهم الحماية والرعاية والتدريب وأعطى متزعميهم الجنسية التركية؟
أما المشيخات فحدث ولا حرج، فقد رهنت وارداتها النفطية والغازية وعائداتها وفوائدها للمشغل الأمريكي والصهيوني لإرضاء رغباتهم الوهابية الدفينة بتدمير الدولة السورية، وهذا باعتراف وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني المخضرم بحياكة الدسائس ونسج الفتن وصياغة المؤامرات مع شركائه في الخليج والنظام التركي؟ ألم يقل “إننا تهاوشنا على الطريدة وفلتت هذه الطريدة”! هذا اعتراف كبير ومشهود وموصوف من مهندس الخيانة بأنهم فشلوا في الوصول إلى هدفهم.
نعم، اليوم وبعد كل سنوات مؤامراتهم انتهت حفلة الصيد البدوية المتخلفة ونجت سورية بفضل حارسها الشهم ممثلاً بالجيش العربي السوري الباسل والشعب السوري العظيم وقيادته الحكيمة، المدعومة من الحلفاء والأصدقاء.
واليوم، نعيد ونقولها بالفم الملآن: سورية كانت ولا تزال أكبر من مخططاتهم ودسائسهم ونزعاتهم المريضة.
لقد آن الأوان ليعترفوا بمسؤوليتهم الكاملة عن حربهم على سورية المستمرة منذ سنوات، حرب أكلت الأخضر واليابس ودمرت البنية التحتية، ليس هذا فحسب؛ بل يجب أن يكفّروا عن جريمتهم بإعادة بناء ما دمرته أيديهم وما اقترفته بحق السوريين، وإن كانت دماء السوريين، الشهداء والجرحى، أغلى وأعز من كل أموالهم.
لا تعنينا الدموع التي يذرفونها اليوم، فهي دموع تماسيح، والسوريون يعون ذلك جيداً وما كانت هذه “الاستدارة” التركية- الخليجية، إن حصلت، لتأتي لولا إفلاسهم من جهة، وصمود السوريين خلف جيشهم العقائدي الباسل الذي سطر ملاحم الصمود والبطولة وقدم القرابين على مدار السنوات العشر من جهة أخرى، جيش مازال على العهد في معارك الخلود والشرف والعزة والكبرياء؛ وهو اليوم أكثر منعة وقوة وعزيمة وإصراراً وتصميماً لتطهير كامل الجغرافيا السورية من فلول المجموعات الإرهابية، والحفاظ على سيادة ووحدة أراضي سورية واستقلال قرارها والثبات على خياراتها الوطنية والقومية، هذا كله أجبر غرفهم السوداء على الاستدارة وليست “شيمهم” التي خبرناها جيداً طوال سنوات الحرب على وطننا.