مشاهد هوليوودية
بينما يتكئ على نافذة سيارته ويستمع إلى موسيقا هابطة (مكرونا..مكرونا), وماشابه من موسيقا فوضى العصر, يغبّ آخر غيمة من لفافة تبغه قبل أن يقذفها من شباك السيارة على قارعة الطريق وليترك خلفه حريقاً شب فجأة في الأعشاب اليابسة, راح يلتهم الأخضر واليابس ويحصد عشرات الأشجار… بكل دم بارد وكأن شيئاً لم يكن.
ماحدث ليس مشهداً من مشاهد فيلم هوليوودي أو دعاية عن أجود أنواع التبوغ في العالم.
قبل يومين كانت هنا… منذ ساعات… منذ دقائق مررنا من هنا كانت الخضرة تكسوها ويجللها الربيع بحلة جميلة واليوم لم تعد موجودة بفعل حريق بفعل حماقة مدخن رمى بقايا سيجارته
مشهد بات مألوفأ تراه على الطرقات وعقدها الطرقية التي تشبه الغابات: بقايا حريق التهم مئات الأشجار.
مسلسل حرائق الأعشاب اليابسة وامتداد ألسنة لهبها للمحاصيل الزراعية المعدة للحصاد بات يؤرق المزارعين ويقضّ مضجعهم ويذهب بجنى عمرهم من جراء الحرائق المفتعلة منها عن سابق إصرار وترصد أوكانت بدون قصد وناجمة عن إهمال بشري أو حتى بلا مبالاة ومن دون أدنى إحساس بقيمة الثروة الزراعية حصادأ كان أو حراجأ.
أخبار الحرائق الزراعية مؤرقة بعد شتاء طويل خلّف هشيرأً وأعشاباً يابسة في كل مكان وبين وجوار الأراضي الزراعية وهنا مكمن الخطورة , ما يتطلب تكاتف الجهود في تطويق هذه الحرائق من خلال التوعية والإرشاد وإعلان الجاهزية والطوارئ لأجهزة ومنظومات الدفاع الوطني وأفواج الإطفاء والاستعداد التام, فما تشكله الطبيعة من غطاء نباتي عبر سنوات الخير وافرة المطر يمكن أن يصبح أثراً بعد عين من جراء عود ثقاب أوبقايا سيجارة رماها مدمن بكل برودة أعصاب ليخلف وراءه جريمة بحق الطبيعة لاتعوض بعشرات السنين.