الحذاء وإعادة اختراع الكاوتشوك
يحضرني مع تركيب آلة خياطة في معمل أحذية حماة، والبهجة المرافقة بحضور عالي المستوى لوزارة الصناعة ما قاله أحد وزراء الصناعة إبان اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي قبل 15 عاماً: «ليس من اختصاص وزارة الصناعة (صناعة الأحذية) ولا حتى صناعة البرادات…». ربما حينها كان مبرره في ذلك أن ورشة حرفية ومشروع صغير متناهي الصغر يمكنه أن ينتج أحذية.. وتجميع برادات وغسالات طالما أننا نستورد كل قطعها….
والمبرر الأهم لوزير الصناعة حينها أنها شركات عامة خاسرة ومخسرة ولا يمكنها مواكبة الموديل واللون والتطورات السريعة في عالم الأحذية وهي صناعة تقليدية.
وعلى هامش السيرة… كان والدي رحمه الله ورحم أمواتكم من أهم زبائن التعاونيات وصالات التجزئة مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وكان يصطحبني برفقته دائمأ ليشتري لي حذاء من صالاتها مكره أخوك لا بطل، طالما أنه الممول رغم عدم قناعتي حينها بمنتجات التجزئة من الأحذية… لعدم مواكبتها (ذوقي) وذوق السادة الزبائن.. ولطالما اتهمني والدي بأني من فصيلة الطاووس (ما يعجبني العجب).
وتدور رحى الأيام وتعاقب الوزراء على الصناعة وما أكثرهم، لتعود صناعة الأحذية وتتصدر الواجهة، ربما وضع البلد والحصار الاقتصادي الجائر دفعنا بالعودة للأحذية والاحتفال بصناعتها، لكن إذا لم تستطع مواكبة ذوقي وذوق الزبائن سنعود لنقطة الصفر ونتذكر ما قاله أحد وزراء الصناعة الأسبقين.. «ليس من اختصاص وزارة الصناعة صناعة الأحذية…»، وإنما وضع استراتيجيات وخطط والإشراف عليها بعيدأ عن صناعات التجميع والتحويل والعلكة.