المدير .. اللصّ!
مرّ الحدث كمرور أي أخبار اعتدنا على سماعها ،أخبار السرقات من المال العام ،وهي عديدة الأوجه والمناحي ،إلا أنها تصب في خانة الجيوب الخاصة ،مقابل استنزاف للموارد والعوائد المالية للخزينة العامة ، ولم يعد أحد يتفاجأ بأبطال مثل تلك السرقات التي تحصل في هذه المؤسسة أو تلك الشركة ، ناهيك عن فنون النصب والسمسرة وتشليح العباد جهاراً.. نهاراً.. !
اللصّ مدير صغير تدرّج بالنهب والخداع ،سعياً لوصوله إلى مصافّ الكبار ،الذين وصل بعض منهم عن طريق شراء الولاءات وتالياً الوصول إلى كرسي المنفعة والاسترزاق ..!
هذا المدير الفنان الذي سمعنا عن بطولاته الصميدعية في نهب السلع والمواد من صالات الدولة ،وضخها لمصلحة التجار مصاصي دماء الناس، شاءت الصدف ووقع أخيراً في شر أعماله ، ولا أحد يعلم منذ متى يسرق ويبيع ..؟! وهل هو وحده أم أن هناك شبكة تستنفع وهي محبوكة الأطراف والاتجاهات والمصالح أيضاً ..؟!
ما لنا كيف ستؤول الحال، وعلى من ستقع المسؤولية ! سيتم سريعاً استبدال السارق بمدير آخر، أولى تصريحاته النارية أنه سيحارب الفساد ويضرب بيد من حديد إلا أنه للأسف سرعان ماسيجرفه تيار الفساد والانحطاط ، وربما يملأ خزائنه بالملايين ويفلت من أي حساب ،وهم كثر من يمثلون هذه الحالة ،أما قليلو الحيلة والفهم فسيقعون في شر أعمالهم ..
ما يهمّ ليس فقط استبدال مدير بآخر أو إجراءات وبلاغات ،وإنما أن تكون هناك منظومة فكر إداري حديثه وملائمة، مع سَنِّ معايير صعبة لاختيار قيادات إدارية تقتنع بالفكر الجديد وتتبناه ، فاليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى نهوض حقيقي وثورة على صعيد تغيير نمطية كل شيء ،تنسف آليات العمل لدى بعض المؤسسات التي لم تعد تلبي الواقع ،وتغيير بعض القرارات الإدارية التي تعشّش في ثناياها طرق الفساد ونهب المال العام وباختصار ..تغيير الكثير من منهجيات الأداء بأسس وأفكار جديدة. ربما تتم المحاسبة على الأداء بعد إطلاق يد الإنتاج بحريّة ومرونة ،ومن ثم تأتي مرحلة المكاشفة والمحاسبة .
بعض المؤسسات الكبرى اليوم في مرحلة رهان حقيقي على نجاح دورها لتكون القوة الضاربة في السوق، وهذا يحتم إطلاق يد المرونة بصورة أكبر ، لتتوسع في إنجاز مهامها ومراميها ،ومن ثم نقف عند نتائجها بكل حس وطني ..لا أن نبقى سائرين وراء نمطية تقليدية مقيتة ..!