قبل عامين تقريباً، أتيحت لي فرصة «ثمينة» لزيارة مدينة حلب ضمن وفد حكومي للاطلاع على حال المدينة «المنكوبة» -آنذاك- بفعل الحرب الإرهابية، حينها شعرت بمشاعر مختلطة بين الحزن والفخر عند لحظ مسارعة أهلها إلى ترميم ندبات الإرهاب ووضع كل ثقلهم لمحوها نهائياً، لكن برغم هذه المقدرة العجيبة، فإن حجم الدمار الكبير الذي كان يلفها، وتحديداً في المناطق الشرقية، كان كفيلاً بدخول النفس موجة حزن على مدينة كانت لا تنام من فرط الحياة والعمل.
اليوم، تغير حال عاصمة البلاد الاقتصادية، ونجح أهلها بدعم حكومي في إعادة إعمارها جزئياً، فأصبحت أكثر تعافياً، ولاسيما عند مشاهدة همّة أهل حلب العالية، وهذا ظاهر في أغلب الأحياء التي مررت فيها، من دون القفز فوق حقيقة بيّنة وهي أن بعض الأحياء المدمرة تحتاج جهوداً كبيرة وأموالاً طائلة لإرجاعها إلى سابق عهدها ضمن ورشة عمل فعلية لتحقيق هذه الغاية التي ستكون كفيلة بنهوض هذه المدينة مجدداً، منتشلة الاقتصاد المحلي من واقعه الصعب، فبقاء حلب على وضعها الراهن، وتحديداً الجانب الاقتصادي، وعدم تقديم الدعم الكافي لصناعييها سيبقي اقتصادنا متعباً، ولعل أبرز مؤشراته استمرار ارتفاع سعر الصرف، وعدم المقدرة على زيادة رواتب ربطت بزيادة الإنتاج، علماً أنه عند تشغيل المنشآت الحلبية سيضمن ذلك ضرب عدة عصافير بحجر واحد، أهمها دعم الليرة واسترجاع قيمتها تدريجياً ورفع الأجور حتماً، واستكمال إعادة بناء حلب اقتصادياً وعمرانياً، يتطلب أكثر من تقديم بعض المال للترميم والتفعيل، فالمطلوب «هبّة» جماعية مع سلة محفّزات داعمة وإجراءات مستعجلة بعيداً عن الروتين وكواليسه المعتمة، تتلخص في تطبيق توصيات المؤتمر الصناعي الثالث التي أودعت في الأدراج –كالعادة- لغايات في نفس يعقوب، ما يطرح تساؤلات مشروعة، لماذا توضع العصي في العجلات أمام تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الذي ستكون نتائج إنجازه خيراً على الجميع، وبتأخير تنفيذه سيتضرر الاقتصاد والمواطن لمصلحة قلة قليلة، فمن المستفيد من تعطيل وضع صناعة حلب على السكة الصحيحة عبر إقلاع معاملها، لعل جيوبنا تقلع ببركة هدير آلاتها وإنتاج سلع مقبولة سعراً وجودةً.
rihabalebrahim@yahoo.com