إذا سألت الناس هل تعرفون ماذا تأكلون، وهل تتحققون من سلامة أطعمتكم..؟! لاشك ستختلف الإجابات، لكن قاسمها المشترك عند الأغلبية أنهم لا يعرفون..! وليسوا مضطرين لمعرفة المزيد..!
ما ينقص العباد ليس قلة معرفتهم بما يأكلون، وما مخاطر حجم البشاعات الحاصلة من تجاوزات وتلاعبات عمّت وأفرغت البعض ممن يتحكمون بلقمة عيش الناس من ضمائرهم في حال كان عندهم ضمير أو وازع أخلاقي أصلاً، تناسوا ماهية طبيعة المواد ومكوناتها وتواريخها حتى، فالمهم كيف يؤمّنون ما يستر حالهم وييسر أمور أولادهم، في ظل سيطرة غلاء فاحش وتضخم لم يعد يطاق، في وقت قلّت فيه الرقابة وتكاد تنسى مهامها، أمام انبلاج وسطوة من بعض التجار الذين عاثوا فساداً بتلاعباتهم وتماهيهم بألوان وأشكال الغش والخداع واستغلال حاجات المستهلكين، فمخالفاتهم زادت عن حدود المنطق والواقع، وما يرشح عن ضبوط الجهات التموينية يدل بصراحة تامة مدى فداحة التلاعب وإقدامهم على التفنن بغش غذاء المواطنين، وتشويه المواصفات ومعايير المواد والسلع عبر تمريرهم لفنون جميلة، غشوا ولا يزالون يغشون مطلع كل نهار، وعناصر الرقابة تسطر الأرقام فقط، وجهات أخرى «تمرق» أفعالهم مقابل تسويات قد تكون مالية، والضحية هو المواطن ليس إلا..!
لن نأتي بجديد إذا قلنا: هناك أرقام لمخالفين جدد، قاموا بارتكابات جسيمة، فكل يوم هناك قائمة، والنتيجة صفر مكعب.. آخر ما أبدعته الجهات الرقابية التموينية في دمشق إصدار لائحة تتضمن أكثر من مئة وأحد عشر تاجراً مخالفاً أحيلوا إلى القضاء المختص، لما فعلوه من أفعال دنيئة لا تنم إلا عن مدى شراهتهم للمال بلا أي روادع أخلاقية أو منطقية..! فلم يعد يطاق لهم فعل وتصرفاتهم لا تنم إلا عن قلة ذوق وسوء تربية واستهتار بحياة الناس، ولاسيما البسطاء منهم.. وما أكثرهم..!
الجهات الرسمية مشغولة بتأمين احتياجات أكبر للعباد، ولا نقول تناست تصرفات وتلاعبات حيتان الأسواق «الغشاشين» والمواربين لمصالحهم، ولو كانت على حساب ورقاب بني البشر، لكن هذا لا يعني أن عيون المحاسبة ستبقى مغمضة طويلاً، وما على المستهلك لأي مادة كانت مهما قلّ سعرها إلا السؤال والتمحيص ومعرفة مواصفاتها، وكذلك الجهات الصحية مطالبة بصورة أكبر بضبط أساليب وحالات الغش القائمة..!