هل فكر أحدكم أن يحصي عدد المؤسسات والشركات العامة التي أُسست منذ عشرات السنين لتقدم خدمات جليلة للمواطنين، وتؤمن لهم ما يحتاجونه من خدمات ومتطلبات المعيشة؟
بالطبع لا، ليس لأن معظمنا لا يحبذ العد والإحصاء في مسألة كهذه، باعتبار أنها تحتاج «صفنة» وذاكرة قوية، بل لأن أي سلعة تخطر على بال أحدنا، فسيعلم مباشرة أنه توجد مؤسسة أو شركة تعنى بها، كأن تقول «بقرة»، فتتذكر أن هناك مؤسسة عامة للمباقر، وكذلك الأمر عندما ترى «دجاجة» أو تمر بمحل لبيع الفروج ولا تستطيع شراءه فستسأل نفسك عن المؤسسة العامة للدواجن، وهكذا، حتى عندما تدخل إلى مكتبة لتشتري قلم HB بـ100 ليرة، ستعود إلى الماضي وتستعيد ذكريات الكتابة بأقلام الرصاص ماركة «النسر»، عندها ستطرق المؤسسة العامة لأقلام الرصاص والخشب المضغوط أبواب ذاكرتك وستترحم على سعر العلبة التي كانت تُباع آنذاك بـ 5 ليرات.
تصوروا حتى المطاط له مؤسسة خاصة به، وهناك مؤسسات للسمك والحديد والعلف والقطن، والألبسة الداخلية… إلخ، حتى الأرانب يمكن أن تُنشأ لها مؤسسة تحت مسمى «المؤسسة العامة للأرانب» وهو مشروع استثماري جيد ومدر للأرباح، لما تتميز به الأرانب من وفرة فى الإنتاج وسرعة في النمو لا تتوافر فى غيرها من الحيوانات، فأنثى الأرنب قادرة على الحمل بعد الولادة مباشرة وهي في تناسل مستمر، وعندها يمكن أن نعزز ثقافة استهلاك لحم الأرنب ونستريح من «نق» المواطن المستمر من ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء والحمراء وغيرهما، ومثلها يمكن أن ننشئ مؤسسة عامة لعصافير الدوري ونحد من الصيد الجائر، باعتبار أن المهووسين بالصيد كثر، ويفضلون لحم الدوري على لحم العواس الذي يُحرم منه مواطننا لتصديره إلى الخليج.
للأسف، جميع مؤسساتنا أُسست لتقوم بدور ريادي في تأمين متطلبات معيشة المواطن، ولكنها لم تحقق الغاية منها، كما أن تعددية هذه المؤسسات لم تجعل منها قوة اقتصادية لا تُقهر، فتقهقرت مع الوقت بسبب الإهمال وعدم مواكبة قواعد السوق، رغم أن المبالغ التي صُرفت وتُصرف لها حتى يومنا هذا كفيلة أن تجعل منها مؤسسات عالمية.