الكتاب

أمام السيول الجارفة من الكتابة الإلكترونية؛ لا خشية على الكتاب المُتعارف عليه بين “دفتين” من “الانقراض”، كما يُروجون.. ذلك الكتاب الذي يُحمل كأبنٍ ويُحتضن، ومن ثمّ يُقرأ ويتصفح خلف طاولة، أو على صخرة، أو بجوار شاطئٍ، أو حتى في السرير.. وإنما الخشية كانت على الدوام من انقراض ذلك الكائن “المُحتمل” الذي يُمكن أن يحضن الكتاب في العالم العربي تحديداً، وهذا – على ما يبدو- انقرض، أو هو في طور الانقراض..
لقد تعددت حوامل الكتاب، ففي الزمن القديم لم يجد وائل بن ربيعة، المُلقب ب”كُليب” وقد استقرت طعنة الرمح الغادرة في ظهره، من يد ابن عمّه جساس؛ لم يجد المغدور حينها غير وجه صخرة لتكون حامل وصيته المؤلفة من عشرة أبياتٍ لأخيه الزير سالم؛ يوصيه من خلالها بعدم المصالحة والعمل لأخذ الثأر التي بقيت دائرة لأجله أربعين عاماً..
وصخرة كُليب لم تكن الحامل الوحيد للكتابة على مرّ التاريخ، ففي الزمن القديم خبر الفراعنة في مصر القديمة أهميّة ورق البردي لتسجيل مدوناتهم عليها، كما خبر السوريون القدماء في سورية العتيقة المزايا الجميلة للطين، فأنجزوا “رقمهم الطينية” لتُسجل إبيلا السورية أضخم مكتبة رقم طينية في العالم..
ومنذ تلك الحوامل البعيدة للكتابة، ولاتزال مسيرة تنوّع حواملها مستمرة، بعض منها بقي مستمراً كحالة رومانسية كما في الكتابة على شجر “الحور العتيق” ورمل الشواطئ كما تُغني السيدة فيروز، وحتى الجدران كثيراً ما شكلت “عُلب بريد” لعشاق ومقهورين، وأخيراً الكتابة الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي التي هي أيضاً مثلت جدران وصفحات للكتابة.
وما بين صخرة كُليب، وبين آخر من أنشأ صفحة فيسبوك؛ كان الكتاب الورقي من أجمل حوامل الكلمة، والذي سبق اختراع الطباعة بقرون بعيدة.. هذا الحامل الذي جمع كلَّ مزايا سابقيه ولاحقيه من حوامل، فقد احتوى كلَّ الحالات الرومانسية التي حققتها المساحات الأخرى من الكتابة، وبقي إلى اليوم أفضل حالة توثيق للكلمة وأكثر أماناً لحفظها حتى الآن.. وليس أدلّ على ذلك، أنه ورغم انتشار كلّ تنويعات الميديا الجديدة، أنّ الكثير مما يُنشر على جدرانها وصفحاتها، يتم إعادة تدوينه في كتاب، فإذا كان النشر الفيسبوكي جاء بما يُشبه استفتاء لجودة الكتابة؛ فإنّ جمعها في كتاب؛ يأتي بمثابة إضفاء الشرعية لأهميتها ومن ثمّ توثيقها في صفحاتٍ ورقية، إذ ومع كلّ هذا الانتشار في الكتابة الالكترونية؛ كان دائماً ثمة مُعادل ورقي له لنتاجات يصرُّ أصحابها على إصدارها في كتب..
مناسبة الحديث عن الكتاب؛ هي الدورة الثالثة لمعرض الكتاب السوري في مكتبة الأسد الوطنية الذي يُشارك فيه العديد من دور النشر السورية الخاصة والعامة..
هامش:
وفي
روايةٍ أخرى؛
يُحكى أنّ الفيلَ
لايزالُ
في محاولاتِه الدؤوبة
الدخولَ
في خرمِ الأبرة،
كلما
وجدها في كومةِ القش!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمال النقل البري أيضاً يطالبون بإلغاء منصتهم..! الشعلة على موعد مع الكرامة في رابع جولات الممتاز... والعزام في ضيافة تشرين يؤكد.. الإدارة وضعت استراتيجية عمل لثلاث سنوات قادمة الاستزراع الرعوي نحو خطوة اقتصادية مربحة.. الغراس الطبية والعطرية قريباً في أراضي البادية مطاعم دمشق من إشغال الأرصفة إلى الشوارع..! محافظة دمشق: ٩٠٤ ملايين ليرة قيمة الضبوط المنظمة هطولات مطرية متفرقة أعلاها 25 مم في العريضة بحمص ‏ ٥٢ طبيباً شرعياً يغطون سورية.. حجو: نعمل على تطوير بيئة العمل هل يتمكن اتحاد السلة من إجراء تغييرات سريعة ومفيدة في إدارة المنتخب بعد الفشل في بطولة الملك عبدالله وقبيل خوض التصفيات الآسيوية ؟ الجو ‏غائماً جزئياً بشكل عام وأمطار متفرقة على المنطقة الساحلية‏ بعد حوار صريح وشفاف في غرفة تجارة ريف دمشق.. تشكيل خمس لجان لمناقشة قوانين التجارة سورية تدين الاعتداء الإسرائيلي الوحشي على تدمر وتؤكد انه يعكس الإجرام الصهيوني المستمر في المنطقة