تخاصم إلكتروني
بعد أن استدار وهمّ بالمغادرة على إثر خلاف نشب مع زملائه، توعّد الشاب أحدهم وبكل انفعال أن يعمل له حظراً كاملاً على وسائل التواصل الاجتماعي.
ما حدث أثار استهجاننا عندما كنت وأصدقائي مساءً نجلس بالقرب منهم على بساط العشب في متنزه البانوراما الشعبي ضمن مدينة درعا، حيث أشعرنا هذا الشاب وكأنه اتخذ بحق رفيقه أقصى درجات العقوبة.
البعض بيننا ضحك ساخراً من عقوبة الحظر تلك، معتبراً إياها ساذجة غير ذات قيمة، فيما آخرون لم يقللوا من أهميتها عند مثل هؤلاء الشبان، وخاصة في ظل الهيمنة الطاغية لعالم (السوشيال ميديا) على مجتمعاتنا، حيث أصبح ما يسوّقه بمنزلة منهج حياة لدى الكثيرين، فيما وسائل تواصله هي الحامل الأساس لمعظم علاقاتنا.
وفي هذا السياق، تأتي حالة الخصام الإلكتروني، كالتي حصلت مع الشبان آنفي الذكر، وهي حالة يمكن وصفها بالظاهرة، لأنها آخذة بالتوسع، وكثيرون أصبحوا يتبعونها، من خلال قيامهم بحظر الأصدقاء سواءً على الفيس والواتس أو غيرهما، كتعبير عن الشقاق ووقف التواصل بما فيه عدم إفساح المجال لرؤية أي منشورات تخص مناسبات أو نشاطات للطرف الآخر.
وللخصومات أو النزاعات الإلكترونية كما هو معروف للأغلبية أشكال أخرى، تتجلى بتراشق الرسائل على صفحات الفيس بشكل معلن أو مبطن، بهدف النيل من جانب أشخاص بعينهم أو جهات خاصة وأحياناً عامة بخلفيات وغايات مختلفة، وكذلك تظهر من تقصد وضع صور معينة على الفيس أو حالة الواتس، لإثارة حفيظة طرف آخر من المقربين أو الزملاء والأصدقاء، وإشعاره أنه غير مرحب به كما غيره، وقد تكون النساء الأكثر حنكة ودراية بإدارة مثل هذه المواجهات بالصور.
قد لا يتأثر البعض بمثل تلك الخصومات الإلكترونية ويعدها ساذجة لا تستحق الرد عليها ليفوّت على الطرف الآخر فرصة الشعور بأنه حقق مراده، فيما قد تثور ثائرة آخرين ويتصرفون بردات فعل غير منضبطة ونارية.
لكن وأمام كل ذلك، حريّ بنا جميعاً أن نحافظ على توازننا ونتحلّى بضبط النفس وعدم الانفعال لدرجة ارتكاب الخطأ بحق بعضنا والتجاوز إلى حدّ فضح عيوبنا في فضاء عالم السوشيال ميديا المفتوح، لعلنا بذلك نترك للصلح مطرحاً.