جولة أمريكية جديدة في المنطقة.. للتهدئة أم ضوء أخضر يُشرعن المزيد من الإجرام؟.. كيان الاحتلال يرسم نهايته ويتساءل عن «نصر» مفقود
تشرين – هبا علي أحمد:
لايزال كيان الاحتلال الإسرائيلي يعيش حال من التخبط على خلفية الحرائق التي تسببت بها صواريخ المقاومة اللبنانية – حزب الله – في الشمال والتي فتحت الباب مُجدداً أمام تساؤلات المصير والوجود في داخل الكيان ومن جميع المستويات، مقرونة بتصورات للمشهد في حال اندلاع حرب شاملة حيث تبدو المنطقة تسير إليها بسرعة على وقع مجمل التطورات المرتبطة بالعدوان على غزة والجبهات الإقليمية المُسانِدة، وسط جولة مكوكية جديدة للمسؤولين الأمريكيين غداة مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن وقف إطلاق النار، إذ إنّ واشنطن ملّت رؤية تراكم الهزائم التي مُنيّ بها الكيان وما تتركه من تداعيات تمسها مباشرة وهي في عزّ موسمها الانتخابي وما يرافقه من خلافات انتخابية بين الجمهوريين والديمقراطيين، على أنّ البحث الأمريكي عن صفقة توقف الحرب أو تُثبت الميدان على ما وصل إليه أقلّه راهناً لم يعد في متناول اليد في ظل التعنّت الإسرائيلي الواضح والصريح، وعليه سيبقى العدوان على غزة في مربعه الأول، كما يبقى الباب مفتوحاً على مختلف السيناريوهات ومحكوماً بتطورات معطيات الجبهات الداعمة لغزة والتي تشترط وقف العدوانوقف العدوان بشكل كامل ونهائي حتى توقف تصعيدها.
البحث الأمريكي عن صفقة توقف الحرب أو تُثبت الميدان على ما وصل إليه لم يعد في متناول اليد في ظل التعنّت الإسرائيلي على الحرب
بيرنز وماكغورك
في هذه الأوقات يزور مدير المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز وكبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، المنطقة للضغط من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، كما ذكرت وسائل إعلام مصرية، نقلاً عن مصدر رفيع المستوى، قوله: إن العاصمة القطرية الدوحة تستضيف اليوم الأربعاء اجتماعاً لقيادات أمنية مصرية وقطرية وأمريكية، لبحث استئناف مفاوضات الهدنة في غزة، فيما يكثف الوفد الأمني المصري اتصالاته لدفع المسار التفاوضي للوصول لهدنة في غزة، كما أفادت الوسائل بأنّ وفداً من حركة «الجهاد الإسلامي» برئاسة الأمين العام للحركة زياد النخالة، وصل إلى القاهرة بناء على دعوة مصرية لاستعراض الأوضاع الفلسطينية وما يتعلق بقطاع غزة.
بناء على معطيات الواقع لا يبدو أنّ زيارة المسؤولين الأمريكيين ستكلل بالنجاح، ولاسيما أنها ليست الأولى من نوعها وعليه لا جديد ممكناً أن يقدم وليس من المحتمل أن نرى خرقاً ما رغم الإلحاح الأمريكي على التوصل إلى الصفقة، إلّا أن العدو في كل مرة يزيد من إجرامه وتوحشه وتعنّته على مواصلة الحرب، والأكيد أنّ المقاومة ليست معنية بتقديم أي تنازل، ولا سيما أنّها واضحة في شروطها ومطالبها منذ البداية، وعليه ستكون هذه الزيارة وهذه الجولة كسابقاتها محكومة بالفشل والمراوحة في المكان، فالحديث اليوم يجري بصورة أكبر عن انفجار قد يحدث في أي لحظة وليس عن تهدئة.
كما إنّ واشنطن لا تبحث التهدئة مع كيان الاحتلال، وفي هذا ضوء أخضر يُشرعن الإجرام ويؤكد المؤكد أنّ واشنطن لا تريد إنهاء العدوان، طالما أّنّ الاحتلال لا يريد، اللافت ما قاله مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أنّ واشنطن تهتم فقط بردّ «حماس» الرسمي الذي يتم نقله إلى الوسطاء القطريين.. واضح أنّها لعبة أمريكية لتحميل المقاومة مسؤولية، في حين الكيان يستمر في إجرامه.
تساؤلات المصير
والأكثر من ذلك تُدار أحاديث داخل الكيان ذاته حوال اقتراب الزوال، ومثل هذه الأحاديث تدفع رئيس وزراء كيان الاحتلال إلى مزيد من الحماقات لتأخير زمن السقوط والانهيار وبالتالي الزوال ما أمكن، ولاسيما بعد تطورات جبهة الشمال وحرائقها وتراكم المشكلات الاستراتيجية للكيان، إذ تحدثت وسائل إعلام العدو عن تفوق حزب الله في الجبهة الشمالية، بعدما أجبر جيش الإسرائيلي على الانجرار إلى معادلته في القتال، وليس العكس، لافتة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي أصبح اليوم يلعب اللعبة التي يريده حزب الله أن يلعبها.
حزب الله أجبر جيش الإسرائيلي على الانجرار إلى معادلته في القتال، و«كريات شمونة» مشكلة استراتيجية انقلبت علينا
وتعليقاً على ما شهدته مستوطنة «كريات شمونة» على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، قالت الوسائل: إنّ هذه المستوطنة كانت مشكلة تكتيكية، وانقلبت علينا، وأصبحت مشكلة استراتيجية.
في السياق، عاد الجنرال الاحتياط إسحاق بريك، ليُحذِّر مرّة أخرى من زوال الكيان، وفي مقالٍ نشره بصحيفة «معاريف» رسم بريك خطّة حزب الله للقضاء على «إسرائيل»، وقال وبالحرف الواحد: يومياً سنتعرّض لحوالي ثلاثة آلاف صاروخ، مقذوفات وطائرات دون طيّار، والتي ستسقط في العمق الإسرائيليّ، وذلك بهدف القضاء على البنية التحتيّة الاستراتيجيّة للكيان، أي محطّات إنتاج الكهرباء والمياه، منشآت للاحتفاظ بالوقود والغاز، البنى التحتيّة للمواصلات والمصانع، بما في ذلك ضرب القواعد العسكريّة للجيش الإسرائيلي، من الجوّ والبحر والأرض، مشدّداً على أنّ ما يجري راهناً لا يعتبر تهديداً وجودياً مقارنةً بما سيجري لـ«إسرائيل»، عندما تندلع الحرب الإقليمية الوشيكة على ستّ جبهاتٍ في آنٍ واحد، من دول بالشرق الأوسط، مثل سورية وإيران والعراق واليمن، إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا تملك «إسرائيل» دفاعات جويّة تحميها، متسائلاً: كيف لنا أن نحارب على هذه الجبهات، في الوقت الذي خسرنا فيه الحرب على جبهة واحدة ضدّ «حماس» في قطاع غزّة، لافتاً إلى أنّ قواعد الاشتباك بالمنطقة تغيّرت.
كيف لنا أن نحارب على ست جبهات، في الوقت الذي خسرنا فيه الحرب على جبهة واحدة في غزّة ولا نملك دفاعات جويّة تحمينا
يُشار إلى أنّ المحلل السياسي الإسرائيلي، آري شافيط، كان قد نشر مقالاً في صحيفة «هآرتس» في العام 2017 قال فيه: إنّ «إسرائيل» تلفظ أنفاسها الأخيرة، وإن الإسرائيليين هم حصيلة كذبة اخترعتها الحركة الصهيونيّة حول «المحرقة» و«أرض الميعاد».
دعوة إلى النفير
بالتزامن مع هذه التطورات، اقتحمت مجموعات كبيرة من المستوطنين الإسرائيليين باحات المسجد الأقصى في القدس المحتلة من عدّة جهات، ودخلوا تحت حماية قوات الاحتلالقوات الاحتلال من عدّة أبواب إلى ساحات المسجد، قُبيل بدء «مسيرة الأعلام» وذلك بالتزامن مع تنفيذ قوات الاحتلال الإسرائيلي عدّة اقتحامات للمدينة وبلدتها القديمة.
المقاومة ستجد طريقها لإيلام هذا العدو المجرم بما يضمن لجم قادته من المستوطنين المتطرفين
وكانت مجوعات المستوطنين المتطرفين قد بدأت إقامة الطقوس والممارسات الاستفزازية بـ«إحياء الذكرى السنوية لاحتلال القدس عام 1967»، عبر مسيرة سمحت شرطة الاحتلال بعبورها من باب العامود.
رداً على ذلك، قالت حركة «حماس» في بيان لها: «مسيرة الأعلام» عدوانٌ على شعبنا ومقدساته ونحذر الاحتلال من مواصلة سياساته الإجرامية تجاه المسجد الأقصى، مؤكدة أنّ المقاومة ستجد طريقها لإيلام هذا العدو المجرم بما يضمن لجم قادته من المستوطنين المتطرفين.
ودعت الحركة أبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان خصوصاً في الضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948 إلى النفير العام والتصدي لمخططات الاحتلال تجاه المسجد الأقصى، كما دعت جماهير الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى تصعيد الحراك الجماهيري الضاغط على الاحتلال وداعميه.