ملف «تشرين».. أخطر من الفساد.. إدارات مجالس لم تطّلع على قانون الإدارة المحليّة.. ونصف الأعضاء في مجلس محافظة دير الزور مقيمون خارجها
تشرين- عثمان الخلف:
لعلّ من المفارقات التي لمسناها واقعاً هو عدم معرفة أو اطلاع معنيين بشؤون الإدارات المحليّة على قانونها الناظم، الأمر الذي يضع إشارات استفهام عما يُمكن أن يقدمه هؤلاء في إطار عملهم، ناهيك عما يرتبط بأي تجاوزات تطول أداء مجالسها، إن كان إدارياً أم مالياً.
45 وحدة إدارية ما بين مجلس مدينة وبلديات وبلدان العدد الكلي المُفعل عملها بمناطق سيطرة الدولة السوريّة، وإذ تشكو تلك الوحدات من قلة التمويل الحكومي لمشروعاتها، فإنّ ما وفره القانون المالي من فرص للتمويل الذاتي عبر الفعاليات الاقتصادية والتجارية الناشطة فيه لم يصل بعد إلى ذاك المستوى المقبول.
لفتة عاجلة
يؤكد نقيب المحامين بدير الزور ربيع الداوود في حديثه لـ” تشرين ” أن الإدارات المحليّة هي نتاج عملية انتخابية لم ترتق لفرز الكفاءات المطلوبة، ومنهم من لم يطلع على قانون الإدارة المحليّة الصادر في عام 2011 ليأتي السؤال عن ماهية الدور الذي سيلعبه هؤلاء رقابياً أو على صعيد مكافحة الفساد، ويشير هنا إلى عضوية مجلس المحافظة التي بدت كأنها غير مشروطة لجهة الوجود الفعلي للأعضاء على الأرض، وبالتالي إمكانية لحظ احتياجات وحداتهم. وأضاف: من غير الممكن للعضو غير الموجود في دير الزور أن يكون دوره فاعلاً بالشأن الخدمي أو المعيشي، مادام ترشحه لا يحتاج سوى ما سماه (وثيقة من المختار).
الداوود: الإدارات المحليّة نتاج عملية انتخابية لم ترتقِ
لفرز الكفاءات المطلوبة ومنهم من لم يطلع على قانون الإدارة المحليّة
ويلفت الداوود إلى أن نصف أعضاء مجلس المحافظة ليسوا مُقيمين في دير الزور، فالحضور عندهم يحافظ على عدم الغياب دورتين متتاليتين وفق القانون، مشيراً إلى أهمية شرط الإقامة الفعليّة للعضو وبالتالي قيامه بالدور المنوط به، فأعضاء مجلس المحافظة هم العين المباشرة للوحدات الإدارية على الأرض بما خص لحظ الاحتياجات، فتغييب الكفاءات لن يؤدي سوى إلى طرح أو وجود أشخاص باحثين عن موقع قيادي لا أكثر.
تعديلات
المحامي دحام البشار أشار إلى ما يراه ثغرات في قانون الإدارة المحلية، فالمدة الزمنيّة الطويلة لانعقاد دورة مجلس المحافظة مثلاً تنعكس شرخاً ما بين الواقع والتنفيذ للمشروعات المدرجة في خطط الوحدات الإدارية، إذ يعقد المجلس دوراته كل شهرين، لافتاً إلى ضرورة تعديل القانون 107 بما يضمن إعطاء مجلس المحافظة ورئيسه السلطة المالية والرقابية على الموازنة المستقلة لمجالس الوحدات الإدارية، علماً أن آمر الصرف هنا هو السيد المحافظ ، كما أغفل القانون أهمية حضور رأس السلطة التنفيذية اجتماعات دورات المجلس، وبالتالي فإن أي محاسبة أو مساءلة ستقتصر على أعضاء المكتب التنفيذي فقط، كما أن اختصاصات المجالس فيه غير واضحة وجاءت عامة، في حين يجب أن تأتي مُخصصة في نطاق كل وحدة إدارية ( محافظة، مدينة، بلدية، بلدة)، كما أن دور المجالس يقتصر على وضع خطط المشروعات ومتابعتها، لكن لا دور لها بالمساءلة القانونية حول ذلك، ويقتصر على إعطاء التوصيات فقط.
البشار: المدة الزمنيّة الطويلة لانعقاد دورة مجلس المحافظة مثلاً
تنعكس شرخاً ما بين الواقع والتنفيذ للمشروعات المدرجة في خطط الوحدات الإدارية
البشار أكد أهمية إعداد مذكرة حول مطالب تعديل قانون الإدارة المحليّة، بدءاً بإعطاء المجالس المحلية صلاحيات أكثر للمتابعة والإشراف، وكذلك بتقييم أعضاء المكتب التنفيذي، ومديري الجهات العامة في مختلف مواقعها، والإسراع بإصدار الخطة الوطنية اللامركزية التي أقرت في عام 2011، لاستكمال نقل الاختصاصات المنصوص عليها في القانون، كذلك لا بد من تحديد العلاقة ما بين مجلس المحافظة والمجالس المحليّة في مختلف مواقعها من مدن وبلدان وبلديات والدور الإشرافي له، وهذه غابت عن قانون الإدارة المحلية، كما هي بالنسبة لعلاقة تلك المجالس بالأجهزة المحلية (الدوائر الحكوميّة) والمركزية من وزارات وصلتها بالوحدات الإدارية.
مكافحة الفساد
لا يُنكر المعنيون وجود حالات فساد، سواء أكان ذلك مالياً أم إدارياً، غير أن ثمة أجهزة رقابية تعمل في ظل ظروف صعبة للحد منه، ويوضح مدير الرقابة الماليّة في المحافظة محمد بكري أن مكافحته تجري بالتعاون مع الجهاز المركزي للرقابة الماليّة والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، لكن ثمة ما نواجهه من صعوبات في تأدية هذا الدور، فالمديرية لا تمتلك وسائل النقل الكفيلة بالمتابعة والرصد لمجريات عمل الوحدات، علماً أن من صلب عملها القيام بالجولات حسب الخطة الرقابية أو بتوجيهات من المحافظ، وعلى سبيل المثال وفقاً لهذا الدور جرى خلال هذا العام سحب الثقة من رئيسي مجلسي بلدتي حسرات وبقرص نتيجة رصد لخلل إداري، أما الخلل المالي فلا بد من تفويض من رئاسة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، مؤكداً أهمية تفعيل دورات التدريب والتأهيل بالنسبة لرؤساء الوحدات الإدارية بمختلف أشكالها.
التركيبة العشائرية لدير الزور تحدّ من تطبيق القوانين
ولعل من أبرز أوجه التدخل الرقابي للمحافظة هو لجانها المحليّة المُشكلة لمتابعة أوضاع الأسواق، والمخابز لجهة الأسعار، ولجهة واقع الرغيف ووصول كميات الطحين والوقود اللازم لها، وإذ جاء دورها كنتيجة لحالة النقص الحاصلة في أعداد مراقبي التموين فإنها تصطدم بواقع مجتمعي صعب بحكم التركيبة العشائرية لدير الزور، حسب ما أشار أحد أعضائها (طالباً عدم ذكر اسمه)، إذ إن رصد أي حالة تجاوز في الأسعار أو في عمل المخابز يضع أعضاء تلك اللجان في مواجهة مع مجتمعهم، ويسبب حالات عداء وخلاف، وينسحب ذلك على مختلف أنواع التجاوزات، سواء أكان بالنسبة لمخالفات البناء أم حتى ضبط السوق والمرافق الخدميّة المذكورة أعلاه، لافتاً إلى وجود حالات سمسرة وانتفاع لدى البعض لقاء غض النظر عما يحدث من تجاوزات، أو اللجوء للابتزاز.
فيما يشير رؤساء بلديات سابقون إلى أن واقع الاعتمادات الماليّة على ندرتها لم تعد تسمح عبر مشروعاتها لتكون مصدر فائدة، غير أن انتفاعاً كهذا يمكن تمريره من خلال المشروعات المُنفذة بدعم من المجتمع المحلي، إذ يجري التساؤل عما إذا كانت المحافظة بصورة ما يرد، وكيفية صرفه، وما إذا كان من إشراف ومتابعة لتنفيذها، والأمر أوضحه رئيس مجلس المحافظة المهندس أسعد الطوكان الذي أكد أن ثمة ورقيات وكتباً رسمية بهذا الخصوص ترسل من الوحدات الإدارية المراد تدخل المجتمع المحلي لدعمها، لترفع إلى وزارة الإدارة المحليّة ومن ثم تتابع من المكتب الفني والجهة الخدميّة العامة هي من يُنفذ .
اقرأ أيضاً: