قوة الإنتاج أولاً..!

حقيقة لا يختلف حولها اثنان بأن قوة أي اقتصاد تكمن في قوة إنتاجيته، ليس المقصود فيها الإنتاج الصناعي فحسب، بل الزراعي والخدمي وصولاً لقوة إنتاجية العلم التي نسخرها لتطوير ما ذكر, ونحن في سورية وصلنا لهذه القوة، وتنوعت إنتاجية اقتصادنا الوطني وشكّلت قوة استقرار للسوق المحلية لعقود مضت من جهة، وقوة مستمرة في تحسين الواقع المعيش للمواطن من جهة أخرى..!
لكن سنوات الحرب وما أعقبها من حصار وعقوبات دمرت معظم هذه القوة, وما تبقى منها يتعرض للسرقة من قبل الاحتلالين ” الأمريكي والتركي” والبقية المتبقية أيضاً تتعرض للسرقة من قبل أهل الفساد، لتبقى قوة الإنتاج الوطنية تعاني حالة ضعف نشهدها في أسواقنا المحلية التي تغزوها البدائل من السلع ..!
وبالتالي عودتها إلى سابق عهدها تحتاج إلى تضافر جميع الجهود، تحديداً على المستوى الإنتاجي الذي يحدد معالم القوة والضعف فيها، وهذه العودة مرهونة بتحسين واقع التشغيل باعتباره القوة التي تحصن الاقتصاد, وتُبنى عليها كل مقومات تحسين المستوى المعيشي للمواطن وزيادة الموارد التي تؤمن مقومات استمراريته ..
وهذه الصورة لن تكتمل إلّا بوجود إستراتيجية تعتمد قواعد أساسية تسهم بصورة مباشرة في تحسين واقع التشغيل وزيادة الإنتاجية أهمها :الواقع الإداري في الشركات المنتجة وكيفية تحسينه, ورفع الكفاءة الإنتاجية لديها, وصولاً إلى قدرة تنافسية تحسّن من موقعها في السوق, وذلك من خلال تقديم الدعم لها, وتوفير المحفزات أهمها القروض المصرفية” الميسرة” لتأمين الدعم المالي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي نعدّها العصب الأساس في زيادة الإنتاجية, والمجال الواسع لرفع وتيرة التشغيل واستقطاب العمالة, وخاصة أننا في ظروف أحوج ما نكون فيها لتوفير هذا الدعم لتحقيق الاستقرار المطلوب للسوق المحلية بعد تعرضها لمزيد من الخضات المقلقة ….!
والمكون الأهم يكمن في رسم خريطة طريق للصناعة الوطنية تشمل إعادة توطين الصناعة الوطنية وتنشيطها باعتبارها حاملاً اقتصادياً كبيراً, وهذا الأمر يتم من خلال تطبيق برنامج إحلال بدائل المستوردات الذي عملت الحكومة على تطبيقه بعد تطبيق العقوبات الاقتصادية, ما يخفف من فاتورة المستوردات, واستنزاف العملات الأجنبية, والأهم تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المواد الأساسية , مع ارتباط ذلك بتوجيه المكون الإنتاجي نحو إنتاج السلع الضرورية والأساسية لحياة المواطن اليومية، وهذا مرتبط بتقديم الدعم لقطاعي الصناعة والزراعة بصورة تسمح الاستفادة المباشرة وإسقاطها على أرض الواقع, ولاسيما ما يتعلق بالأمور المالية ومنحها المرونة اللازمة للتعامل مع الشركات المنتجة, وإيجاد الثقة فيما بينها, من خلال مجموعة من الإجراءات التي تكفل الإقراض الهادف وفق معايير تؤمن القدرة على عودة الشركات والمعامل إلى ميدان العمل, والوصول إلى قوة إنتاجية عصبها الأساس” العامل والمال” اللذان يترجمان هذا التحول إلى استقرار السوق، وهذا لن يتحقق طالما لم نستثمر بعد قوة إنتاجنا، بدليل غياب منتجاتنا الوطنية عن أسواقنا، وغزو المستورد لها، فهل تشهد أسواقنا قريباً حالة استقرار قوامها قوة الإنتاج الوطني، قادمات الأيام تحكي.؟!
سامي عيسى
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار