الصادرات الخام «تكسر ظهر» أي اقتصاد.. خبير اقتصادي يقترح رؤية تكاملية للقطاع الزراعي
تشرين – ماجد مخيبر:
بات من المتوافق عليه أن الزراعة والصناعات الزراعية بشكل عام والتصديرية بشكل خاص هي السبيل الأجدى لتحقيق التعافي الاقتصادي وهي تشكل قاطرة التنمية في بلدنا.. فالزراعة هي القطاع الأسرع في القدرة على التعافي والعودة إلى الإنتاج، لكونها تتمتع بمزايا تنافسية مطلقة ونسبية في الكثير من المنتجات الزراعية سواء النباتية أم الحيوانية، ويعد الإنتاج الزراعي مدخلات أولية للصناعات الزراعية، ما يحقق لهذه الصناعات ميزة تنافسية مهمة نظراً لتوافر المواد الأولية المتميزة والرخيصة.
الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش يقول: إن المزايا النسبية التي يتمتع بها قطاع الزراعة تتيح له المساهمة الفاعلة في تحقيق الأمن الغذائي محلياً، وتمنحه فرصة التصدير والقدرة التنافسية العالية في الأسواق الخارجية، وهناك أسواق خارجية تقليدية وعريقة تتمتع فيها المنتجات الزراعية والصناعات الزراعية والغذائية السورية بمزايا تفضيلية مؤثرة.
ومن خلال تكامل هذا القطاع من الإنتاج الزراعي إلى التصنيع الزراعي والغذائي وصولاً إلى التصدير، يمكننا تحقيق تعظيم لسلاسل القيمة المضافة، التي تنعكس في مدلولاتها الاقتصادية على التنمية، والمساهمة في تأمين القطع الأجنبي، وزيادة معدلات التشغيل، إضافة إلى كونها رافعة تنموية للقطاعات الأخرى كالنقل والمواصلات، والصناعات المتممة في المدخلات والمخرجات وتوطين التقنية، وحتى التعليم والبحث العلمي وكذلك التجارة والسياحة والبيئة والاستدامة.
تعظيم سلاسل القيمة المضافة
الخبير الاقتصادي عياش يرى أن تحقيق هذا الدور التنموي المهم والكبير مشروط بتكامل هذا القطاع، ومحاولة تصدير الإنتاج الزراعي المصنع كمنتج نهائي، وتقييد تصدير الإنتاج الزراعي الخام، لضمان اكتمال وتعظيم سلاسل القيمة المضافة.. وهذا يقتضي التوسع في الزراعات، والصناعات الزراعية التصديرية والاعتماد على التصدير المخطط للإنتاج الزراعي، وليس الاعتماد على مفهوم تصدير الفوائض عند وجودها فقط، مع التأكيد على تصدير الإنتاج الزراعي كمنتج مصنع نهائي والامتناع عن تصدير المواد الزراعية الخام في كل المحاصيل الزراعية الصناعية.
وهذا يقتضي بالضرورة اعتماد مفهوم الزراعات التعاقدية، لضمان تأمين واستقرار الإنتاج من جهة، والمواد الأولية للصناعة من جهة ثانية والتصدير للمحافظة على الأسواق الخارجية وتنميتها من جهة ثالثة، كما يمكن تشجيع إنشاء الشركات الزراعية بما يسهم في تحقيق هذه الأهداف.
الإنتاج الزراعي المخصص للتصدير
وفيما يخص التصدير الزراعي يؤكد الدكتور عياش عدداً من التوصيات التي تتوافق مع ظروفنا الاقتصادية الحالية، وفي مقدمتها التوجه نحو الإنتاج الزراعي والصناعات الزراعية المخصصة للتصدير، أي إنتاج مخطط للتصدير للحفاظ على الأسواق الخارجية وتنميتها، وثانياً منع تصدير الإنتاج الزراعي الخام والدوغما، لا سيما في المحاصيل الاستراتيجية والصناعية والمرتبطة بالأمن الغذائي لتعظيم سلاسل القيمة المضافة.
فمثلاً التخطيط لإنتاج زراعي يحقق فائضاً عن الحاجة المحلية (بالتالي يكون الفائض مخططاً ومخصصاً للصناعة وللتصدير وليس فائضاً عفوياً)، وتصدير هذا الفائض المخطط كمنتج زراعي مصنّع نهائي، كما في محصول الزيتون على سبيل المثال وأن يتم تصدير زيت الزيتون السوري العريق كمنتج نهائي مصنّع أي مكرر ومفلتر ومعبّأ وليس دوغما، وكذلك تصدير الكثير من الخضار والفواكه والبقوليات ككونسروة وليس بشكلها الطازج فقط كذلك اللحوم والألبان والأجبان والجلود، مع السماح والتيسير لعمليات الإدخال المؤقت للتصنيع وإعادة التصدير في المحاصيل التي لا تحقق الفوائض المطلوبة، حتى لا تؤثر في الاستهلاك المحلي.
عياش: رغم عدم شعبوية تصدير كل ما يمكن تصديره إلا أنها حاجة وضرورة ملحة تفرضها التحديات الكبيرة التي تواجه اقتصادنا اليوم
أما التوصية الثالثة، حسب عياش، فهي أن يتم تصدير كل ما يمكن تصديره استثناءً في هذه المرحلة، حتى لو أثر في الاستهلاك المحلي نسبياً عند الضرورة، فرغم عدم شعبوية هذه التوصية، إلا أنها حاجة وضرورة ملحة تفرضها التحديات الكبيرة التي تواجه اقتصادنا اليوم، ولا سيما من حيث التمويل والقطع، فألمٌ وحرمانٌ مؤقت يعقبهما أمن واستدامة أسلم من العكس.