ساعات حاسمة قبل إعلان الاتفاق حول لبنان.. ترقب وحذر وأميركا تجمّل الهزيمة الإسرائيلية

تشرين- هبا علي أحمد: 

يومان حاسمان بانتظار الإعلان النهائي عن وقف إطلاق النار بين لبنان وكيان الاحتلال ‏الإسرائيلي، ولا سيما – كما يُحكى – أن الاتفاق أنجز على أن يتمّ الإعلان عنه غداً الأربعاء ‏بتوقيت مُتزامن بين لبنان وأميركا والكيان. ‏
ورغم أن الحذر يشوب الموقف.. والعبرة تبقى في الخواتيم والتنفيذ على الأرض وما ينتهي إليه ‏الواقع وهو ما يجب مراقبته على مدار الـ60 يوماً القادمة التي من المُقرر فيها انسحاب جيش ‏الاحتلال من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني، فإن هذا الاتفاق إن وصل إلى خواتيمه فهو ‏استسلام للكيان أمام المقاومة اللبنانية/ حزب الله وأمام ميدانها وصواريخها ومُسيراتها.‏
وإن تمّ الاتفاق على ما هو مُعلن منه فإن الاحتلال يكون فشل فشلاً مُضاعفاً، فهو أجبر على ‏الاتفاق تحت نيران المقاومة وشروطها، كما أن قدرات حزب الله تعاظمت وحافظ الحزب على ‏قوته ومناعته رغم الضربات التي تعرض لها، وكان أقساه استشهاد سماحة السيّد حسن نصر ‏الله.‏

‏الاتفاق مع لبنان.. استسلام «إسرائيل» المطلق لحزب الله ولن يعيد الثقة بالحكومة

ليس ذلك فحسب، فمما لا شك فيه أنه رغم الدمار فإن سكان جنوب لبنان سيعودون إلى منازلهم ‏وقراهم رغم الدمار وسيُعاد بناؤها كما بعد حرب تموز 2006، ولكن من يضمن للمستوطنين ‏شمال فلسطين المحتلة العودة إلى مستوطناتهم؟ وهل يفكرون بالعودة، أم إنهم سيعودون من ‏حيث أتوا في أقرب فرصة؟
طبعاً بإمكان كيان الاحتلال أن يُفجر الاتفاق في أي لحظة وبالتزامن مع الإعلان عنه، لا ‏سيما مع معارضة اليمين المتطرف، كما يُمكن أن يُفجره أثناء التنفيذ عبر سوق مزاعم ‏بانتهاكات من الجانب اللبناني تُسانده في ذلك واشنطن التي «تراقب» الاتفاق مع لجنة مكونة ‏من خمس دول، خاصة أن العين الإسرائيلية تطول دول المنطقة، أي توسيع دائرة الصراع.‏
ولنبقَ في جبهة لبنان فإذا فُجر الاتفاق فستمضي المقاومة على قاعدة وإن «عُدتم عُدنا» ‏وستكون معركة «أولي البأس» أشدّ بأساً، فهل يحتمل الكيان الذي أنهك في وحول غزة ولبنان؟ ‏وهل يستطيع جيشه الذي يفرّ أفراده تحمّل المعادلات القادمة؟
ويبقى الترقب والحذر سيّدي الموقف اللبناني، إذ قال النائب في البرلمان اللبناني قاسم هاشم: ‏الإعلان عن الاتفاق قد لا يستغرق أكثر من ساعات معدودة ولبنان متمسك بسيادته وعدم ‏المس بها، وسنعلن في حينه لدى تبلور الصورة بشأن الاتفاق والأمور تبقى في خواتيمها، ‏مضيفاً: رغم تأكيد الجانب الأميركي أننا بتنا على بُعد ساعات من الاتفاق يجب علينا الحذر ‏من غدر العدو ومراوغته.‏
أما عند الحديث عن الاتفاق داخل كيان الاحتلال، فعلى ما يبدو أن العدو رضخ للأمر ‏الواقع تحت ضربات المقاومة ومنذ أمس تعج وسائل إعلامه بأخبار الاتفاق، التي أجمعت ‏على أنه استسلام «إسرائيل» المطلق لحزب الله في ظل ضيق الخيارات، وأنه نكسة ولن يعيد ‏الثقة تجاه الحكومة، والأكثر من ذلك عاد الحديث حول ضرورة طرد بنيامين نتنياهو رئيس ‏وزراء الاحتلال من الحكومة فوراً. ‏

‏اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان أهون من وقف الحرب تحت العقوبات

وحتى لا نُتهم بالتفاؤل، نتناول حديث نتنياهو لنعلم كم الهزيمة التي مُنيّ بها وهو يتنازل ‏لشروط الدولة اللبنانية ومقاومتها، كما يبدو حتى كتابة هذه السطور، صحيح أنه يتلاعب ‏بالألفاظ بإرجاع السبب إلى خوف من عقوبات ووقف تصدير الأسلحة إلى الكيان أو فرض ‏تسوية في لبنان من مجلس الأمن الدولي، لكن هذا التلاعب يُعد مدعاة للسخرية، فمنذ ‏متى ونتنياهو يُقيم وزناً للقرارات الدولية، كما يجب الانتباه إلى أن نتنياهو وإعلامه يحاولان ‏التسويق لمسألة أن الاتفاق لمدة 60 يوماً فقط وليس دائماً حتى يستعيد الجيش نشاطه ويتسلح ‏مُجدداً. ‏
على أي حال هي نيران المقاومة ولا غيرها من فرض التسوية.. وبالعودة إلى التلاعب، يقول ‏نتنياهو: اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان أهون من وقف الحرب تحت التهديد بفرض ‏العقوبات في مجلس الأمن الدولي، وهو أبعد ما يكون عن الكمال، لكنّه أهون الشرّين.‏
وعلى أي حال أيضاً، توضح وسائل إعلام العدو ما وصلت إليه الحال عشية الإعلان الرسمي ‏عن اتفاق وقف إطلاق النار، بالقول: «أسلحة حزب الله دمرت مستوطنات الشمال، والخاسر ‏الوحيد في هذه الحرب هو حكومة نتنياهو التي جلبت الدمار والموت لمواطني البلاد.. جنودنا ‏ماتوا عبثاً من أجل بقائها»، لافتة إلى أن «نتنياهو وحكومته سيجلبان القتل إلى شوارع ‏إسرائيل، وسيتم تدميرنا أولاً من خلال حرب أهلية ثم من حزب الله وإيران، لذلك إذا انتهت ‏الحرب فيجب طرد نتنياهو من الحكومة فوراً، وإلا كان الدمار نهائياً».‏
على المقلب الآخر، ينتقد رؤساء مستوطنات الشمال اتفاق وقف إطلاق النار باعتباره استسلاماً ‏لحزب الله ورفعاً للراية البيضاء.‏

‏حزب الله أتلف أنظمة «ندى السماء» للتحذير من عمليات إطلاق الصواريخ

ليس هذا فحسب، إذ كشفت وسائل إعلام العدو عن أضرار ضربات حزب الله على الكيان، التي ‏فُرضت رقابة عسكرية عليها وتم إخفاؤها عن المستوطنين، لافتة إلى أن الطائرات المُسيّرة ‏للحزب الله دمرت المليارات في غضون دقائق للحكومة.‏
وتابعت: حزب الله قام في بداية الحرب بإتلاف أنظمة «ندى السماء» للتحذير من عمليات ‏إطلاق الصواريخ والطائرات المُسيّرة، بل قام بتحميل وثائق كانت مخفية عن «مواطني ‏البلاد».‏
وفيما يتحدثون في داخل الكيان عن ضرورة التوصل إلى تسوية مع لبنان قبل الغرق أكثر في ‏الوحل اللبناني، على ما يبدو تلعب واشنطن دور التخفيف من وطأة الانكسار والهزيمة للكيان ‏عبر التلاعب بالمصطلحات وإعادة بث الإشارات السلبية.‏
‏.. إذ قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي: هناك حذر لأننا لم ‏نصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بعد، رغم اقترابنا منه، وسنعلن عنه عندما يكون ‏الوقت مناسباً لذلك، في حين قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر : لا يمكن ‏الجزم بأن اتفاق التهدئة في لبنان قد أبرم لكننا نشعر بتفاؤل .‏
على جبهة الميدان، فإن المقاومة ترسل رسائلها بالقول إن لا صوت يعلو على صوت الميدان ‏حتى نرى الخواتيم كما يجب أن تكون، وهذا ما يُمكن تفسيره من خلال استمرار العمليات ‏على الأرض.‏
وعلى وقع الحديث عن اقتراب التوصل إلى وقف إطلاق النار، واصل حزب الله عملياته ‏الضاغطة على كيان الاحتلال شمال فلسطين المحتلة، بالتوازي مع تصديه لقوات الاحتلال ‏جنوب البلاد، باستهداف تجمعاتها بالصواريخ والمُسيرات، محققاً فيها إصابات مباشرة.‏
وفي إطار عمليات المقاومة أشارت صحف لبنانية إلى الأسباب التي عرقلت التقدم البري للعدو ‏في الجنوب، مشيرة إلى أن الحزب نجح عبر خططه الموضوعة مسبقاً في تخطيه، مستنداً الى ‏الدروس المستقاة من حرب ٢٠٠٦، وهو ما دفع «إسرائيل» إلى التسليم بوقف إطلاق النار.‏
ولابد من الإشارة إلى أنه مع الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، جرى ‏الحديث حول المضي قدماً في اتفاق وقف إطلاق النار بين الكيان وحركة «حماس» في غزة ‏وكذلك إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع، وقضايا أخرى تتعلق بالاستقرار الإقليمي.‏

 

إقرأ أيضاً:

حزب الله يوسع حزام النار حول الكيان ويدفعه إجبارياً باتجاه «التوقيع».. نتنياهو يعلن موافقة مبدئية.. وحديث إعلامي عن اتفاق خلال أيام؟!

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار