عندما يقود الجنون إمبراطورية الحروب

تقرير- راتب شاهين:
عند الحديث عن الدول والحضارات، لا يمكن تجاهل بعض الدول التي نشأت بشكل غير ‏طبيعي، وبشكل غير متوافق مع مسار تاريخي للنشوء، أو جاء تواجد فئة من العابرين مصادفة ‏في موقع جغرافي، أو جلبوا له، وكمثال تأسيس الكيان الإسرائيلي في فلسطين، نتيجة مؤامرة ‏دولية، لكن الكيان ليس الأول، أيضاً، فالولايات المتحدة الأمريكية، أسسها بعض الهاربين ‏واللصوص والباحثين عن الذهب في العالم الجديد، على جماجم الهنود الحمر، كل ذلك له ‏تداعيات كارثية على العلاقات الدولية.‏
الخبير الاقتصادي الأمريكي والأستاذ في جامعة كولومبيا، جيفري ساكس، أكد في مقابلة على ‏قناة «‏Judging Freedom‏» على موقع «يوتيوب»، أنه «لا توجد حالياً قيادة طبيعية في ‏الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «ناتو»، والرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، مقلق ‏للغاية».‏
غياب قيادة واعية لمخاطر الحروب، يعد بكوارث جمة، فأن تغيب في واشنطن وحدها، قد ‏يكون أقل خطراً، لكن غيابها في حلف «ناتو» هو الكارثة، حيث لا يوجد من يكبح التوجه ‏نحو الجنون، وبخاصة مع الذي يحدث في الساحة الأوكرانية.‏
القلق من عدم وجود قيادة أو حالة واعية، تنتشر في أوساط الأكاديميين الأمريكيين، فالصحفي ‏الأمريكي جاكسون هينكل، أعرب عن استغرابه من تصرفات المسؤولين في وسط الوضع ‏الدولي المتوتر، وقال هينكل عبر منصة «إكس»: «الحرب العالمية الثالثة على وشك البدء، ‏والكونغرس صامت، على وشك الذهاب في إجازة».‏
من حق الخبير والصحفي القلق، لكن ليعلم أنّ القلق التي تشكله سياسة بلاده على العالم، أكبر ‏بكثير، والأمر لا يتوقف على بايدن أو على القيادة الحالية الراهنة، فالرئيس المنتخب دونالد ‏ترامب الذي يهدد العالم بفرض الرسوم فور توليه، يزيد من منسوب القلق العالمي لحلفاء ‏واشنطن كما لخصومها، فترامب أعلن عن عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على ‏الواردات من المكسيك وكندا، و10% على المنتجات القادمة من الصين، متجاهلاً الاتفاقية ‏التجارية الثلاثية، التي تجمع الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وكأننا عدنا إلى الوراء، حيث ‏أنّ الاتفاقيات الدولية لا تعني واشنطن الموقعة عليها، ماينذر بتعميق الفوضى العالمية أكثر، ‏بالدخول من مرحلة الجنون إلى مرحلة الجنون القصوى.‏
هذه بداية لحرب تجارية تزيد من التوتر الاقتصادي العالمي، فالسفارة الصينية لدى واشنطن، ‏حذرت من أنّ الحرب التجارية لن تحقق النصر لأي من الجانبين، بينما اكتفت كندة بالتأكيد ‏على أن التعاون بين البلدين «ضروري» لإمدادات الطاقة الأمريكية. ‏
وإذا كان جيفري لا يعرف من يتخذ القرارات في أمريكا، فالعالم يشهد بأن الجنون ‏الإمبراطوري، هو الذي يقود العالم نحو الهاوية، فالحرب العالمية الثالثة، لا نعلم إن كانت قد ‏بدأت ، لكن أدواتها في الساحات منذ مدة، وهي تقف على قدرة الطرف أو الأطراف الأخرى، ‏كروسيا والصين، من عدم الانجرار إلى ما يبتغيه الجنون الأمريكي – الأطلسي.‏
أن يقود الجنون «إمبراطورية» الحروب، يعني أن الكوارث العالمية لانهاية لها، إلّا بنهاية ‏الأسباب أو نهاية العالم، على طريقة أفلام هوليود، التي تبشرنا بنهايات دراماتيكية دامية، ‏وبخاصة مع الحروب المفروضة في ساحات متعددة، ويبدو أن لا مفر منها إلّا بحسمها ‏لمصلحة القوى التي ترى بالاستقرار مصلحة عالمية.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار