«إجت الحزينة تفرح»..

لم يصدّق مفاجآت ذلك اليوم.. ثلاث رسائل خلال ساعات قليلة, تُشعرُه الأولى باستلام أسطوانة غاز طال انتظارها أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر, والثانية باستلام البنزين والثالثة للمازوت. طبعاً الدهشة والفرحة أنسته من أين سيؤمن ثمنها مجتمعة, لكن لا مشكلة حتى لو استدان مادامت مخصصاته ستصله بالتمام والكمال. وهنا بيت القصيد, حيث لم تكتمل فرحته بعد أن استلم كميات المازوت من صاحب الصهريج الذي انتظر حلول الليل والظلام وانقطاع الكهرباء حتى يأتي إلى المنطقة ويسلّم المخصصات لأصحابها, فالخمسون ليتراً اختزلت إلى أقل من أربعين ليتراً , ناهيك بزيادة السعر الذي تقاضاه منه, وطبعاً بفعل الازدحام وحلول الليل لم ينتبهِ إلى النقص إلّا بعد أن عاد إلى بيته، وهنا انطبق عليه المثل: “إجت الحزينة تفرح”, فاتصل بالموزع وأخبره أن هناك نقصاً, وكالعادة أشعره الموزع بغرابة كلامه, فما كان منه إلّا أن أعلمه بأنه سيتقدم بشكوى, وهنا سارع الموزع في الاستجابة وفي استعجاله بالحضور لأخذ الكميات المتبقية. وطبعاً لولا أن تشجع واتصل لما كان حصل على بقية مخصصاته.
هذه الحادثة تكررت وتتكرر, وربما حصلت مع الكثيرين في المنطقة ذاتها أو في غيرها, لكن المواطنين لم يراجعوا لاستدراك النقص أو يتقدموا بشكوى, ظناً وقناعة منهم بأن لا جدوى من ذلك.
وهنا نتساءل: ترى إلى متى سيبقى هؤلاء وغيرهم يقاسمون المواطن في مستحقاته التي لا تكفيه لأيام, ويجمّعون منها ما يتيسر لهم ليسترزقوا ببيعها في سوق أقل ما يقال عنها إنها سوداء, بل هي أكثر سواداً بوصفها واستغلال مفتعليها للقمة المواطن ومستلزمات معيشته؟ و هل يستكثر بعض أصحاب الصهاريج الخمسين ليتراً على المواطن ليشاركوه بها ويستغلوه بهدف كسب المال؟ أم إنه كتب عليه أن يبقى يتقدم بشكوى هنا وأخرى هناك حتى يحصل على مستلزماته, ثم يأتي من يقول: من أين تنشأ السوق السوداء؟ لهؤلاء نقول : إنها تنشأ من قلة الضمير عند البعض ومقاسمتهم المواطن لقمته ومستلزمات أسرته, فهل سنرى قمعاً لحالات كهذه؟ وهل سنرى تفعيل ثقافة الشكوى عند المواطن أكثر ليكون ذلك رادعاً لكل من تسوّل له نفسه استغلال هذا المسكين؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار