آخرُ الفُرص
لا تزال التجاذبات تحكم المشهد الليبي المثقل بالاحتمالات والتأجيلات لمسار سياسي- انتخابي، ما إن أبصر النور، وسار بضع خطوات، بناء على توافقات، حتى ظهرت الخلافات، ومن بينها تلك المتعلقة بقانون الانتخابات والذي تتعارض معه أساساً الأسماء التي قدمت أوراقها للترشّح.
وسط كل هذا، فإن السؤال الذي بات مطروحاً اليوم وبقوة، هل ستقام الانتخابات في موعدها في 24 كانون الأول المقبل أم لا؟.. ولاسيما أن الكثير من التفاصيل غير منجزة، خصوصاً ما يرتبط منها بالوضع السياسي للمرشحين أنفسهم، ما يجعل الإجابة عن السؤال غير واضحة.
بصرف النظر عن التساؤلات والإجابات، فإن الأساس اليوم في وضعٍ كالوضع الليبي وما آلت إليه سنوات الحرب والصراع والانقسامات، مُلقى على عاتق الليبيين، كلّ الليبيين من دون استثناء، إذ إن الأجواء الانتخابية السائدة اليوم على غموضها وتداخلاتها وحال عدم اليقين قد تكون آخر الفرص، لإعادة ترميم ليبيا.
فالتوافقات التي تمت مسبقاً، وأفضت إلى الاتفاق على رئيسي حكومة ومجلس رئاسي، بناء على خريطة طريق سياسية متفق عليها، يجب استغلالها والسير بالنهج التوافقي من دون السماح بوجود ثغرات ينفذ منها أي عائق، فمسار التوافق قد لا يكون متاحاً دائماً، وتالياً فإن بقاء الوضع على حاله، أي المراوحة في المكان، كحالة مقابلة لا تخدم الليبيين التواقّين للأمن والاستقرار.
حتى المشهد كشأن داخلي محض ليس محسوماً لدى بعض السياسيين الليبيين، فتمسك أولئك ببقاء النفوذ الخارجي حتى بعد ترتيب الوضع الانتخابي ورغم بحث آليات خروج المرتزقة لا يخدم الآمال المعلّقة على ما بعد الانتخابات، إذ إن لبعض الأطراف الخارجية كتركيا مثلاً صيتاً سيئاً لا يبشر بالخير.
الشأن الليبي ليس شأناً انتخابياً فحسب، بل يشمل كلّ المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية التي دُمرت منذ تدخل “ناتو” عام 2011، لذلك، فإن إجراء الانتخابات من شأنه أن يفتح ثغرة فقط في سياق إيجاد حلول لجميع تلك المسارات التي تحتاج بدورها وقتاً وجهداً كبيرين.
قد تكون الحال الليبية متفرّدة في شكلها، صحيح أن كل دول المنطقة ضربتها الحروب والصراعات في العقد الأخير، لكن الانقسامات ولاسيما الداخلية في العديد من الدول لم تكن كما هي في الحالة الليبية، لذلك، فإن على الفرقاء الليبيين التمسك بآخر الفرص وليس إضاعتها.