حصيلة عمل وزارة التجارة الداخلية من «خارج الصندوق» .. قرارات كثيرة ونتائج محدودة

يعمل وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم منذ تسلمه مهامه كوزير بطريقة عمل يصفها البعض بأنها من «خارج الصندوق».
عمل الوزير من خارج الصندوق على صعيد البيت الداخلي للوزارة، وهنالك الكثير من الأشخاص الذين يرون أنه حرك «ملوكاً» في الوزارة يعرف كل من عمل فيها أو معها مدى سطوتهم ونفوذهم!.
وبالتزامن مع ترتيبات البيت الداخلي بدأ العمل في الأسواق، وكانت البداية من مادة السكر، وطال في معالجة موضوع السكر إحدى الشخصيات التي عملت لعقود من دون أن يتعرض لها كل من عملوا من داخل الصندوق.
ليست النتائج بأفضل حالاتها ولم يلمس المواطن فرقاً يذكر بل على العكس هناك من يصف النتائج بالأسوأ، فسعر كيلو السكر الحر ارتفع إلى 2700 ليرة, وهو أعلى تسعيره لكيلو السكر قبل إجراءات الوزير الأخيرة التي لم تخفضه كثيراً، وبأن الآلية الجديدة أعادت الطوابير إلى مراكز «السورية للتجارة» للحصول على السكر المدعوم أو الحر الذي سعّرته الوزارة بمبلغ 2200 ليرة للكيلو وبمخصصات محددة.
والحقيقة أن كل هذا صحيح وواقعي، ولكن ضمن الظروف الاقتصادية جراء الحرب على البلاد ومع صعوبة تأمين حركة انسيابية للسلع وانخفاض القدرة الشرائية الرهيب للناس يجعل الأمور أكثر تعقيداً، ويخلق الكثير من المشاكل وخاصة عند التدخل بحركة الأسواق عن طريق قرارات إدارية، وترتفع خطورة تعريض الناس للمزيد من الضغط في تفاصيل الحياة اليومية، لكن هذا لا يعني محاربة فكرة العمل من خارج الصندوق.
أحد العاملين في إحدى مؤسسات «السورية للتجارة»، كان يقوم بفرز الخضار بعد قرار الوزير سالم بتطبيق آلية بيع جديدة للخضار والفواكه، وعند سؤاله عن طريقة العمل الجديدة قال: إنها لن تستمر، والوزير لن يقوى على التجار، لأنهم يتلفون بضاعتهم ولا يبيعونها بسعر أقل مما يناسبهم, في حين عدّ عامل آخر أن الوزير “ما زال جديداً ولن يطول الزمن به حتى يفهم الجو, وإذا دققنا في هذا القول فهو يشير إلى مدى سيطرة البيئة العامة وصعوبة العمل من خارج الصندوق.
في آلية بيع الخضار الجديدة أصبح المطلوب بقرار وزاري أن يتم تحديد أكثر من سعر للخضار تبعاً لنوعيتها من جهة، والعمل على تسعيرها بسعر أقل من السوق من جهة ثانية، وذلك بإلغاء الحلقات الوسيطة والتعامل مع المنتج مباشرة، وهذا ما كان يجب أن يحصل منذ زمن طويل، ولكن ما كان يحصل رغم طرح فكرة العمل على الشراء من المنتج غير ذلك، فقد أكد صاحب بستان حمضيات في الساحل لـ«تشرين»: إن صديقه العامل في «السورية للتجارة» كان يطلب منه بشكل دائم توقيع إيصالات بأنه اشترى منه هذه الحمولة أو تلك من الحمضيات، وما كان يحصل أنه يذهب إلى سوق الهال ويملأ سيارته من هناك ويتوجه بها إلى« السورية للتجارة»، ليبقى سوق الهال هو سيد التسعير لهذه المؤسسة كما السوق، وهذه آلية العمل من داخل الصندوق التي تتجنب الإدارات من خلالها أعباء العمل بطريقة مختلفة، ربما لتحقيق مكاسب شخصية أعلى عند شحن كميات كبيرة من سوق الهال للقائمين على عملية الشراء والبيع، وربما لأن طريقة الشراء أقل جهداً.
التوازن والتناغم
تدار “السورية للتجارة” بعقلية الموظف، ويظهر هذا الأمر في كل تفصيل ضمن آلية عمل المؤسسة، حيث كانت مثلاً تسعيرة نفايات الخضار التي بقيت إلى آخر اليوم تباع بالتسعيرة ذاتها في ساعات وصولها الأولى، الخبير التنموي أكرم عفيف يقول إنه يجب أن تلعب « السورية للتجارة » دورها في «التدخل الإيجابي», وهذا يعني شراء محاصيل الفلاحين خاصة عندما ينخفض سعر إنتاجهم من أي محصول بما يحقق سعر التكلفة مع هامش ربح، ومن ثم تعيد “السورية” طرحه في صالاتها عندما ترتفع الأسعار بسعر مناسب للمستهلك ويحقق ربحاً للمؤسسة، لكن هذا لا يحصل برغم كل الخسائر التي يعانيها المنتجون سنوياً في معظم محاصيلهم، والمستهلكون دائماً من ارتفاع الأسعار وكثرة الحلقات الوسيطة.
نقص في الأدوات
لا يحتاج الانطباع الذي يتشكل عند ورود مصطلح «مراقب تمويني» إلى الشرح، ولكن على أي إدارات في موقع القرار من داخل الصندوق أو خارجه أن تعمل مع هذا الكادر، وإذا كنا هنا لسنا في معرض الاتهام أو التشكيك، ولكن يمكن القول: إن أدوات تطبيق القرارات لوزير يعمل من خارج الصندوق ليست ميسرة وقد لا يعثر على “سيف يحمي من الظهر”، كما أن الدخول في معارك مع تجار اعتادوا العمل والتسعير بسوق يحجز لهم ليعملوا فيه كما يرغبون ليس بالأمر السهل أيضاً، وقد سبق للوزير سالم أن أكد أن مديرية الأسعار تعمل لصالح التجار وتسعّر لهم كما يريدون.

يعتقد الوزير سالم أن موضوع السكر قد انتهى كما نشر على صفحته معلناً عن طريقة جديدة للتواصل بين الناس والوزارة التي هي على تماس مباشر مع حاجياتهم اليومية، وأن الحملة الثانية ستكون لسوق الأجبان والألبان وتجهيزات سوق الكهرباء، ونشر عبر صفحته على «الفيس» أنه سيتم اتخاذ كل الإجراءات التي اتخذت بحق محتكري السكر، نرجو من الله نحن المستهلكين أن يتمكن الوزير من معالجة بعض المشاكل في موضوع إنتاج الألبان والأجبان، فخروج الكثير من المواد عن موائد السوريين في كفة والأجبان ومشتقاتها في كفة أخرى، وخاصة أن أحد أهم أسباب مشاكل هذا المنتج يقع خارج صلاحيات وزارة التجارة كموضوع الأعلاف وزراعتها واستيرادها، والتصدير…الخ.
أما في موضوع الكهربائيات فقد سألت «تشرين» صاحب محل كهربائيات عما يتوقعه من خطة وزير التجارة القادمة لعلاج موضوع الأسعار فقال الرجل: إن طريقة عمل الوزير الحالية غير مجدية مع حركة الأسواق، لأن القانون الذي يحكم عملها هو العرض والطلب، وليس القرارات الإدارية.
وأضاف تاجر الكهربائيات أن أسعار هذه المواد تختلف عن المواد الغذائية، حيث إن هذه المواد أسعارها محددة ومعروفة، أما الكهربائيات فقد ارتفع الشحن والأرضيات والحديد ارتفع وكلها رفعت الأسعار خلال 5 سنوات إلى أكثر من 8 أضعاف.
فسعر المروحة مثلاً ارتفع من 18 ألف ليرة إلى 110 آلاف ليرة بسبب ارتفاع تكاليف استيراد قطعها وتصنيعها، وهذا ينطبق على كل المواد والسلع، والتاجر يتمنى أن يبيع بسعر أرخص لكي يسوق بضاعته، يلتفت الرجل إلى البضائع الكهربائية المرمية حوله ويؤكد أنه من أسبوع « لم يستفتح», وإيجار المحل مليون ليرة.
ربما لا يحقق الوزير سالم بطريقة عمله من خارج الصندوق الكثير من الإنجازات، ولم يمض الوقت الذي يكفي للحكم على نتائج أعماله، ولكن لا ضير من مؤازرة كل من يحاول أن يخرج من عنق الزجاجة أو الصندوق، لترسيخ آليات عمل مختلفة تصبح بمثابة لبنات مختلفة لبدايات مختلفة، لعلّها تحرك المياه المستنقعة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار