أهل الشأن: ساعات العمل الطويلة وعدم المواكبة العلمية الطبية من أسبابها..د.السعادة: عقوبات مسلكية تصل لسحب الترخيص والتوقيف عن العمل
كثر في الآونة الأخيرة حصول أخطاء طبية في مشافي القطاعين العام الخاص, وما ينتج عنها من حدوث وفاة ما, أو التسبب بإعاقة دائمة, ناهيك عن الأذى النفسي لذوي المريض ودفع التكاليف الباهظة..
يؤكد د. عماد السعادة نقيب أطباء دمشق تسجيل 38 شكوى وردت إلى النقابة خلال أقل من عام, وثبت ثلاث حالات منها هي أخطاء طبية, في المقابل يعزو أهل الخبرة إلى أن الأخطاء قد تحصل لعدة أسباب منها ساعات العمل الطويلة, وعدم مواكبة الطبيب لآخر التطورات العلمية الطبية وغير ذلك..
سحب ترخيص
اشتكى المريض أحمد.ن من آلام مزمنة, وتم نقله لأحد العيادات الخاصة, حيث تم علاجه بحقن موضعية الأمر الذي أدى لحصول خراجات متعددة, ما استدعى علاجات طويلة الأمد شملت تدخلات جراحية, وتكاليف مادية باهظة فضلاً عن الأذى النفسي والإعاقة والتعطل عن العمل.. هذه هي إحدى الحالات التي دفعت بنقابة أطباء دمشق إلى اتخاذ قرار بسحب الترخيص من الطبيب, وتوقيفه عن العمل وذلك بعد تعدد الشكاوى على الطبيب ذاته حيث ثبت سوء بالممارسة الطبية بل بأبسط مبادئها.
أخطاء تجميلية
لم يخفِ د.عماد السعادة نقيب أطباء دمشق وجود عدد كبير من الشكاوى, حيث وردت 38 شكوى من المشافي العامة والخاصة للنقابة خلال أقل من عام, وبعد التحقيق تبين أن أغلبية تلك الشكاوى ليست خطأ طبياً وإنما بهدف الحصول على تعويض مادي, وبعد التحقيقات اللازمة ثبت وجود ثلاث حالات من مجمل الشكاوى أنها خطأ طبي..
يضيف: أغلبية تلك الشكاوى على أطباء التجميل مبيناً أن المشكلة بالسيدات يكون لديهم تصور مسبق عن الشكل الذي يحلمون به, ليصابوا بخيبة أمل بسبب حدوث ندبة مسيئة أو مشوهة أحياناً, وفي بعض الحالات يتم تحميل المسؤولية على الطبيب بنسبة معينة.
ما هو الخطأ الطبي؟
يعرف د.السعادة الخطأ الطبي هو الخطأ الذي تقره لجنة ذات خبرة واسعة أن هذا العمل مخالف لأصول الأعمال الطبية, كأن يجرى عمل جراحي بطريقة مختلفة عما هو متفق عليه هذا يسمى خطأ طبياً.
يؤكد رئيس فرع نقابة دمشق أنه عندما يتخذ القرار بعقوبة ما أو بتوقيف طبيب عن العمل لمدة معينة, يكون بناء تقرير لجنة مختصة مؤلفة من ثلاثة أطباء تبعاً للحالة وقد تصل لعدد أكبر للقيام بدراسة الحالة بشكل دقيق, ووضع تقرير الخبرة وذلك بعد توفر المعلومات اللازمة والوثائق المطلوبة, إضافة إلى التريث بقراءة الوثائق وكذلك استخدام التعابير الدقيقة، وبناء على القرار المتخذ يتم تشكيل لجنة مؤلفة من قاضي لا يقل عن رئيس محكمة بداية وممثل عن وزارة الصحة لا تقل سنوات ممارسته الخبرة عن عشر سنوات, لاتخاذ القرار السليم ويحق الاعتراض للمجلس المسلكي لافتاً إلى أن العقوبات تتراوح بين التنبيه غير المسجل في الحالات الخفيفة أو تأنيب أمام المجلس وأحياناً دفع غرامة نقدية وقد تصل العقوبة إلى الشطب ومنع الطبيب المخطئ من مزاولة المهنة لمدة مؤقتة أو دائمة حسب الخلل أو الخطأ المرتكب, مع دفع غرامة لصندوق النقابة.
وأشار: في بعض الحالات يكون هناك اختلاط طبي يتم التوافق بين الطرفين لمتابعة العلاج على نفقة الطبيب.
ما الأسباب ؟
يؤكد د.نبوغ العوا وهو عميد سابق لكلية الطب البشري أنه يوجد أسباب لحدوث خطأ هنا أو هناك منها عدم تمكن الطبيب من المادة الطبية ويجب أن يكون على دراية واسعة بالأمراض والتشخيص, تراجع المستوى العلمية للمخرجات العلمية الطبية, بسبب ظروف الحرب على سورية التي أدت إلى استشهاد البعض أو هجرة خيرة الأطباء بسبب تدمير عياداتهم, إضافة إلى ضعف المتابعة الطبية الحديثة من الطلاب مشيراً إلى أنه حالياً بدأت سوية المخرجات العلمية تتعافى بالتزامن مع عودة بعض الأساتذة لممارسة مهنة التدريس في الكليات الطبية على سبيل المثال الدفعة الحالية التي ستتخرج ستعطي نتائج أفضل على صعيد المجال الطبي.
ساعات العمل الطويلة
ويضيف على هذه الأسباب نقيب أطباء دمشق موضوع التأهيل والتدريب المستمر ففي كثير من البلدان المتطورة, يتم تقييم الطبيب كل خمس سنوات للتأكد أنه متابع للتطورات العلمية الحاصلة, إضافة إلى ساعات العمل الطويلة لها دور كبير في حدوث خلل ما مشيراً إلى أنه في البلدان المتطورة مثل بريطانيا يجب ألا تتجاوز ساعات عمل الطبيب 40 ساعة أسبوعياً, وبموازاة ذلك يرفض تأمين الطبيب لأن الجهد لساعات طويلة جداً ينتج عنها تركيز أقل, وقدرة للمحاكمة أقل مع احتمال حدوث أخطاء أثناء العمل.
الفرق بين الخطأ الطبي والاختلاط
يحدث أحياناً الرد على بعض المرضى أنه حدث اختلاط ما تسبب بعدم نجاح العمل الجراحي, وهنا من الصعوبة تحديد السبب هل هو فعلاً خطأ أم اختلاط؟ يبين د. العوا أن الخطأ يعود لعدم دراية الطبيب الدراية الواسعة مع المتابعة الدقيقة والتشخيص الدقيق, في حين الاختلاط يعود إلى تفاعل جسم المريض مع بعض الأدوية أو مع المخدر على سبيل المثال نلاحظ قصوراً قلبياً فجأة لسبب غير معروف, وهنا لا علاقة للطبيب بذلك وهذا ممكن علاجه بأقل ضرر على المريض, أما الخطأ الطبي عادة يكون واسعاً وعلاجه أقل فائدة للمريض.
مسؤولية النقابة
للنقابة مهام عديدة منها مراقبة أداء المشافي في كل الوزارات, والتخطيط لمناهج الدارسين في الكليات الطبية إضافة إلى دورها في امتحانات تعادل الشهادات وكذلك رفع سوية للخدمات الصحية والتنمية في المهام الصحية وتحقيق العدالة الاجتماعية في هذا المجال يضيف د. سعادات أن النقابة جاهزة للتعاون مع وزارة العدل والداخلية في حال حدوث خطأ ما, وتزويدهما بكل المعلومات اللازمة على أمل الاستئناس برأي النقابة من خلال وضع لجان تختارها النقابة مهنية وذات خبرة, مبيناً أنه في بعض الأحيان يحدث التريث من وزارة العدل قبل البت بقضية ما وإعطاء الطرف الآخر (الطبيب) المشكو منه فرصة قبل إيقافه مؤكداً أهمية أن يكون نقاش أي قضية من أهل الخبرة والاختصاص حتى تكون النتيجة أدق وأسلم.
عقوبات..
قد يودي الخطأ الطبي في بعض الأحيان إلى حدوث تشوه ما أو إلى الإعاقة وحتى إلى الوفاة, ما هو الحكم القانوني لخطأ طبي (بحسن نية) بمعنى الهدف هو الشفاء ولا شيء آخر سوى الشفاء للمريض ..
رئيس محكمة بداية الجزاء التاسعة في دمشق القاضي أنس الخطيب يقول: إن الخطأ الطبي هو من الجرائم جنحوية الوصف, تنظر فيها محاكم بداية الجزاء, ونص قانون العقوبات في المادة 550 المتضمنة أنه من تسبب بموت أحد نتيجة إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين, واستناداً إلى هذه المادة تندرج الأخطاء الطبية تحت بند القتل والإيذاء غير المقصود, كونه لا توجد نية جرمية لدى الشخص وخير مثال جرائم حوادث السير والأخطاء الطبية لافتاً إلى أن الطبيب مكلف بالعناية الطبية لأقصى درجات العناية ولكنه ليس ضامناً كافلاً للنتيجة.
دعاوى سنوياً
لم يخفِ القاضي الخطيب وجود عشرات الدعاوى سنوياً في دمشق لوحدها تتنوع بين وفاة أو حدوث تشوه أو ضرر وإيذاء وأغلبيتها في عمليات التجميل.
مشيراً إلى أن وزارة العدل أصدرت تعميماً تضمن أن أي شكوى بحق الكادر الطبي يتم الاعتماد على نتيجة الخبرة الطبية من خلال أطباء شرعيين لبيان فيما إذا كان هناك خطأ طبي أم لا, وبناء على نتيجة الخبرة يتم تحريك الدعوى العامة بحقه بعد الاستعانة بتقرير الأطباء الشرعيين على سبيل المثال نسيان أدوات في بطن المريض, أو تجرثم جرح هذه كلها مسببات قد تحدث الوفاة.
عقوبات
ولفت إلى أن العقوبات تبدأ من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات, وذلك استناداً على معطيات كل دعوى مثلاً طبيب يتسبب بحدوث ثقب في المعدة نتيجة التنظير, وهذا خطأ جسيم علماً أنه روتيني, إضافة إلى العقوبات السابقة دفع غرامة مالية.
وزارة الصحة لا تجيب!
حاولنا مراراً بعد توجيه عدة أسئلة لوزارة الصحة عبر مكتبها الصحي بتاريخ 25/7/2021.. عن دور الوزارة في مراقبة الأداء وما هي الإجراءات المتخذة ..الخ, ناهيك بالاتصالات المتكررة, إلا أنه إلى تاريخ نشر هذا الموضوع لا إجابة.. يبدو أن وزارة الصحة فضّلت سياسة الأبواب المغلقة في وجه الصحافة علماً أننا وإياهم هدفنا تصويب الأخطاء أو الإشارة لها فقط لا غير..