هروب ترامب الأخير
رغم إعلان فوز المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية بنسختها الـ46 جو بايدن إلا أن دونالد ترامب لا يزال متمترساً في البيت البيضاوي ويرفض الاعتراف بهزيمته، مدعياً أن المعركة الانتخابية “لا تزال في أول الطريق وأن فوز بايدن ما هو إلا أعلامي فقط”، مرجعاً ذلك إلى انتظار نتائج الطعون التي قدمتها حملته الانتخابية في ولايات بنسلفانيا وجورجيا وميشيغان ويسكونسن تتعلق بالتلاعب والتزوير وإهمال أوراق انتخابية وإضافة أصوات افتراضية للمرشح بايدن رغم نأي الحزب الجمهوري بنفسه عن ادعاءات ترامب وتسليمه بفوز بايدن الصريح.
ولا عجب بسلوك ترامب هذا فهو دخيل على السياسة وأميٌّ وغر وغشيم في شؤون الرئاسة وبالبروتوكولات العالمية ولا غرابة بذلك فهو لم يأت من أروقة الدبلوماسية، ولا من صفوف القادة وإنما جاء متسلحاً بخبراته من صالات القمار وأرباح “كازينوهات” الرقص وصفقات الرقيق الأبيض، لا يتمتع بأي حنكة سياسية ولا عمق فكري ومع هذا نجح بالولاية الرئاسية الأولى ولا نستبعد مغامرة ما وتباشيرها طالت وزير دفاعه مارك إسبر وتعيين كريستوفر بيلر القريب منه بعد لحظات من الانتهاء من عمليات الاقتراع، ولا عجب بذلك أيضاً فهذا هو المجتمع الأمريكي وهذه هي “الديمقراطية” الأمريكية التي تظهر في الواجهة فقط بينما في الحقيقة هناك قوى عميقة وراء الستار تقود الإعلام والدعاية وعمليات الترشيح والانتخاب وهذه الجهات هي التي أوصلت الممثل السينمائي الجمهوري دونالد ريغان إلى دفة الحكم وأبعدت الرئيس الديمقراطي جيمس كارتر في انتخابات العام 1981 وكذلك أوصلت بيل كلينتون الديمقراطي إلى الرئاسة في العام 1993 على حساب الرجل القوي جورج بوش الأب بل أكثر من ذلك فقد زادت شعبية كلينتون أكثر فأكثر رغم فضائحه الأخلاقية في الدورة الثانية، والجهات ذاتها هي التي جلبت ويسرت وسهلت وصول بوش الابن على حساب آل غور بولاية ثانية. وهذه الجهات هي التي جاءت بدونالد ترامب ذي النظرة العنصرية والشعبوية والهزلية، على حساب هيلاري كلينتون في انتخابات العام 2016.
إذاً لمن يعشق “الديمقراطية” الأمريكية ويتغنى بها و”بفرادة” قانون الانتخاب الأمريكي نقول “الديمقراطية” الأمريكية تنتهي عندما يدلي الناخب الأمريكي بصوته والذي لا شك يذهب ليس للشخص المنتخب سواء أكان جمهورياً أم ديمقراطياً إنما للمجمعات الانتخابية وهذه المجمعات هي التي تنتخب الرئيس ولا يعني من يحصل على الأصوات أكثر هو الفائز وإنما من يحصل على أصوات أكثر في المجمعات الانتخابية وهنا مربط الفرس وكلمة السر التي تشي أن هذه التجمعات الأرستقراطية التي تجمع ما بين المال والسلطة واللوبي الصهيوني هي صاحبة الفصل في اختيار أو إبعاد الرئيس الأمريكي وغير ذلك كله تسويف وذر للرماد في العيون.