في الوقت المتبقي لترامب
يعتزم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بدء جولة خارجية غداً الجمعة تشمل كلاً من فرنسا وتركيا وجورجيا وقطر والإمارات والسعودية, بالإضافة لكيان الاحتلال الإسرائيلي, بهدف زيادة الضغط على إيران, رغم أن بومبيو عنوّن الهدف من الجولة ببحث ما سماه “جهود ترامب التاريخية لصناعة السلام”.
بغض النظر عن سياسات ترامب وقراراته خلال السنوات الأربع الماضية والتي كان كل ما فيها ورشح عنها يعرقل السلام, فإن ما جاء على لسان بومبيو للترويج لجولته يشير إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تتصرف وكأن شيئاً لم يتغير, وكأن الولايات المتحدة لا تعصف بها أزمة سياسية دستورية على خلفية النزاع على نتائج الانتخابات التي خلصت نتائجها الأولية إلى فوز جو بايدن وخسارة دونالد ترامب الذي يرفض الإقرار بالهزيمة ويصر على أن منافسه وأنصاره “سرقوا” الانتخابات!.
اللافت أن بومبيو “رجل” ترامب، انخرط بقوة في المسار التشكيكي على قاعدة أن هناك نقلاً سلساً للسلطة “بعد الولاية الثانية لترامب”، وعد مريب تجاوز حد التعويل على ما سيقرره القضاء, ليصل إلى حد “اليقين بالفوز”!، في حين تشن إدارة ترامب حملةً انتقامية تستهدف عرقلة خطط الإدارة المقبلة وسياستها الخارجية، في حال تثبيت فوز بايدن.
على إيقاع هذه الاضطرابات السياسية, تثير جولة بومبيو في هذا التوقيت التكهنات حول أهدافها، خاصة بعدما وجّه رسالة انتقاد ضمنية للدول التي هنأت بايدن بقوله: “ليس هناك في آن واحد سوى رئيس واحد ووزير خارجية واحد وفريق واحد للأمن القومي”. ما يجعل الإرباك يطغى على الجولة مع رفض ترامب وإدارته التنسيق مع فريق بايدن في التمهيد لعملية انتقال السلطة.
لا شك أن بومبيو يريد أن يستأنف نشاطاته قبل انتهاء الولاية الرئاسية في 20 كانون الثاني القادم, حيث من المتوقع أن يبحث بومبيو في جولته استكمال حملة “الضغوط القصوى على إيران والدفع بخطة لفرض سلسلة طويلة من العقوبات الجديدة، خاصة بعد إعلان الإدارة الأمريكية قبل يومين عن حزمة عقوبات جديدة ضد طهران بهدف زيادة الضغط عليها إلى حد يعتقد ترامب وفريقه أنه يجعل من الصعب على إدارة بايدن إحياء الاتفاق النووي.
في الوقت المتبقي له في البيت الأبيض, يحاول ترامب المهزوم أن يسابق الوقت, إذ يريد أن يطعن بنتائج الانتخابات ويفوز رغم أنف الناخبين, وأن يسوّق لسياساته العدائية حتى آخر نفس مستخدماً أزلامه الموالين له, في الوقت الذي بدأ فيه بايدن بتشكيل فريقه الانتقالي لتسلّم السلطة بعد إعلان فوزه.
واقع الحال الذي يجعل الولايات المتحدة تدخل أزمة دستورية حادة لا يعلم أحد كيف ستنتهي، خاصة بوجود شخص كترامب يرفض الإقرار بأنه منبوذ من الشارع الأمريكي.