المخرج سامر إبراهيم أبو ليلى: حمص مدينة مطرّزة بالحكايات لكن دعمَ المسرح فيها شحيح!

الحرية- حوار/ جواد ديوب:

اشتُهِرَ في مدينته حمص بالمخرج  (سامر أبو ليلى) من مواليد ١٩٧٠، بدأ كممثل في فرقة المسرح الجامعي عام ١٩٨٨ ضمن عرض (الفيل يا ملك الزمان) تأليف الراحل الكبير سعدالله ونوس وإخراج جمال حنوش. ثم لاحقاً عام ١٩٨٩ ساهمَ في تأسيس فرقة (فواز الساجر المسرحية) بإدارة الفنان زهير العمر، وشاركَ في كل عروض الفرقة كممثل، ثم انتسب إلى نقابة الفنانين عام ١٩٩٨ لكن بعد توقف الفرقة عام ٢٠٠٠ أسس مع مجموعة من الشباب (فرقة حقيبة مسرحية) وعمل يومها كمخرج باسم (سامر أبوليلى)، وقدموا عروض (رحلة الشمال- بروفة لنا- بساط الريح- ثورة القتلى).

«فضاء حمص الثقافي»!
صحيفة (الحرية) التقت المخرج سامر ابراهيم أبو ليلى  وسألته بدايةً أن يحدثنا أكثر عما قدمه في مسيرته الغنية فأجابنا بأنه: “في عام ٢٠٠٨ حصلتُ على  منحة دمشق عاصمة الثقافة العربية وقدمنا عرض (البوليس)، وعام ٢٠١٠ تقدمتُ لمسابقة حاضنة المشاريع الثقافية في مؤسسة روافد، وفاز مشروعي (فضاء حمص الثقافي) من ضمن خمسة مشاريع في سوريا من أصل أكثر من (٥٥٠ ) مشروعاً متقدماً للمسابقة،  ثم عام ٢٠١١  شاركت في بعثة تبادل ثقافي إلى المملكة المتحدة البريطانية  وايرلندا ضمن أنشطة  مشروع فضاء حمص الثقافي الذي مازال مستمراً حتى الآن.

واقعٌ قاسٍ ودعمٌ شحيح!

* كيف ترى مستقبل الحركة المسرحية في حمص بعد سقوط النظام؟ بمعنى هل تتخوف من تضييق على الحريات العامة ومنها بالتالي حرية العمل المسرحي تحديداً؟

** أقول لك بصراحة: لقد عانت الحركة المسرحية من تضييق، وقلة دعم حكومي، وانعدام اهتمام الانتاج الخاص… ولذلك تضاءل عدد الفرق المسرحية الحمصية، وتوقف الكثير من الفرق عن العمل، وتم اختصار مهرجان حمص المسرحي في آخر نسخة منه إلى أربعة عروض، ثلاثة منها مكررة!  إذاً نحن أمام واقعٍ سيىء ودعمٍ شحيحٍ لفرق للمسرح. وعليه نحن ننتظر من سوريا الجديدة تقديم الدعم للمسرح من ناحية: فتح المعاهد العامة والخاصة لإعداد الممثل، وافتتاح صالات مخصصة للتدريبات المسرحية، وترميم وتأهيل مسرح عبد الحميد   الزهرواي    ليدخل في الخدمة ويخفف الضغط عن مسرح دار الثقافة (المسرح الوحيد في حمص)، وتقديم الدعم المادي للعروض المسرحية، مع ضرورة رفع أجور الفنانين والتقنيين العاملين في المسرح  حتى لا يضطروا للهروب إلى الدراما التلفزيونية أو الابتعاد عن المسرح. مؤخراً تم إعادة افتتاح مديرية الثقافة وتم عرض فيلم (تشيخوف) وهي بشارة خير… ونتمنى عودة الحركة المسرحية والثقافية الى حمص.

المعلّم الراحل فرحان بلبل!

* غادرنا منذ مدة قصيرة واحدٌ من أبرز رموز المسرح السوري وهو فرحان بلبل… ما الذي تقوله بحقه وأنت ممن عاصروه، وربما (عملت معه أو تتلمذت على أفكاره المسرحية)؟

** ليس مصادفة أن يكون أول عرض مسرحي أحضره في حياتي؛ عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي، للمعلم الفذ الأستاذ فرحان بلبل بعنوان (الجزيرة الخضراء).. فالراحل الكبير بقي طيلة حياته   مهجوساً   بالمسرح وكل ما يتصل بهذا العالم السحري.  أضف إلى ذلك أن الكتابة والاخراج والنقد من أهم العناصر المسرحية وجمعها معاً ليس بالأمر اليسير، ولكني أعتقد أن ما يميز تجربة الراحل؛ هو تجربته المسرحية المتكاملة والتعليمية. حيث كان يحرص على أن يُعلّمَ كلَّ من حوله، سواء الممثلين وفريق العمل، مروراً بالمتابعين القريبين منه، وصولاً للجمهور العريض، بل كان يتجاوز ذلك إلى الكوادر الإدارية التي يتعامل معها. فرحان بلبل هذا المعلم الفذ، الأنيق في شكله وفكره ونقده، وتعاطيه مع المسرح كان يغرس في كل مفصل من مفاصل تجربته احترام المسرح من قبل كل من يعمل معه أو يتابعه.

وعيُ الصراع الطبقي!
خطورة وأهمية مسرح بلبل -الكلام لا يزال للمخرج سامر أبو ليلى- كانت في التقاطه لعمق الصراع الاجتماعي الطبقي والسياسي وربطها بالطبقة العاملة الفقيرة المهمشة، ومحاولته كسر حلقة تغييب الوعي لدى هذه الطبقة ودفعها بطريقة مباشرة حيناً، وغير مباشرة أحياناً أخرى لتعي ذاتها وتكون فاعلة. واليوم برحيل المعلم بلبل تكون سوريا عموماً والمسرح العمالي خصوصاً قد خسر مؤسساً، وعلماً من أعلامه. رحمك الله يا (أبو المسرح العمالي) وشيخ المسرحيين في حمص.

بنفحةِ عاطفة!
المخرج سامر أبو ليلى وفي سياق حديثه عن الراحل بلبل لم يُخفِ تأثره العميق ونفحة العاطفة تجاهه، يقول: “أنا صديقٌ لأسرة المرحوم وأعتبرهم أهلي، كما أنني تعاملت مع المرحوم بلبل منذ دخولي الى عالم المسرح كتلميذ، ولاحقا كعضو في نقابة الفنانين التي رأسها بلبل لسنوات، كما تعاملت معه خلال إدارته لدورات متكررة لمهرجان حمص المسرحي وتعلمت منه حسن الإصغاء والاهتمام بالإلقاء المسرحي وطريقة نحت الحروف خلال المونولوجات المسرحية، كما كان دائماً يؤكد على أهمية النقد لتطوير العمل المسرحي…

المرحوم الأستاذ فرحان بلبل أبو عمار كان مدرسة مسرحية متكاملة

بناء سوريا الجديدة!

* مع وجود أحداث ومتغيرات في عموم البلاد ومنها محافظة حمص الغنية والمتنوعة والنموذج الجميل بشبابها وطاقاتها الابداعية… كيف يمكن برأيك أن يشجعَ التنوعُ جيلَ الشباب الحالي والمقبل على الإيمان بأن المسرح هو بناءٌ للحياة وليس مجرد (وهمُ حياةٍ وشخوصٌ وهمية)؟!

** سامر ابراهيم: الشباب اليوم أمام امتحان كبير؛ فالحرية تحققت ولكن، هل ستكون في ظل الأوضاع والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية الجسيمة؟!
كنتُ ومازلت متفائلاً  بطاقات الشباب وقدرتهم على اجتراح الحلول والمبادرات. لا يمكن أن نطلب الأفضل ونحن جالسون في بيوتنا ننتظر من يقدم لنا الحلول. على الشباب إذاً المشاركة في بناء سوريا الجديدة، وعليهم أن يعملوا بجد وإصرار، حتى اذا طالبوا بحقوقهم في المسرح وغيره من الاحتياجات الثقافية؛ يكون لهم صوت مسموع وتكون مطالبُهم مستجابةً! أتمنى أن يهم جميع السوريين والسوريات وأخص بالذكر المثقفين والفنانين والنخب ويعملوا ويتواجدوا في كل مفاصل الحياة ويطالبوا بالحرية الثقافية التي تدعم مطالب الناس للعيش بكرامة وعدالة ومساواة وأمان.

على صعيد المبادرات والتدريبات!
يذكر أن المخرج سامر أبو ليلى أطلق في عام ٢٠١٩ ضمن (فضاء حمص الثقافي) عدة مبادرات منها:
“مبادرة أطفالنا هم التغيير” عن حقوق الطفل بدعم من منظمة pui حيث عملوا على تأهيل مكب نفايات وتحويله لحديقة.

وعام ٢٠٢٠ مبادرة “بكل غرزة حكاية” في حمص القديمة بالتعاون مع “تجمع زنوبيا الفني”  اختتمت بمعرض مشغولات يدوية للنساء وعرض مسرحي بعنوان (حمص مدينة مطرزة بالحكايات).

وفي عام ٢٠٢٤ وعلى شرف صمود غزة في وجه العدوان الصهيوني الاجرامي، أخرج لفرقة المسرح العمالي عرض (أنا ليلى: أهدي سلامي) تأليف الكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني،  قدمه في يوم المسرح العالمي وفي مهرجان حمص المسرحي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار