التوازن والميزان في سوريا الحرة 

يتفق الفرقاء أن تحقيق التوازن في السياسة والمجتمع و الحياة شيء ضروري ..وهو اليوم أشد ضرورة لاسيما مابين فجوة  الواقعية والخيال الافتراضي فإذا  ما زادت الرؤية الواقعية على الحد الواجب كان ذلك جموداً وضيقاً في الأفق في عصر يولد الذكاء الإصطناعي ..وإذا ما زاد الخيال ..كان ذلك ميوعة وإغراقاً في البعد عن الحقائق في زمن ينشغل فيه الجيل قياماُ وقعوداً على الأجهزة الذكية التي باتت تتحكم بهم ..في حين أنهم يظنون أنهم يتحكمون بها ..

وتحقيق التوازن هو ضروري أيضاً في المادية والروحية فإذا زادت الماديه كان ذلك بلادة وتنكراً للقيم العليا في الحياة وإن زادت الروحية كان ذلك عجزا عن مواجهة الحياة في حقائقها المادية.. وكذلك تحقيق التوازن ضروري في الاختلاط بالناس والانطواء على النفس وإلا كان الإمعان في الاختلاط بالناس إهداراً للشخصية وكان الإغراق في الانطواء على النفس عزلة ضارة.. والأمثلة كثيرة ومايراد من ذلك أن تحقيق التوازن هو عين الاستقرار والرضا والنجاح والفلاح.. لكن السؤال كيف نحقق هذا التوازن.. الجميل ..؟!

الدولة اليوم بحاجة إلى هذا التوازن الجميل  في دفة تسيير وإدارة البلاد والعباد.. ولا يمكن لأي حكومة أن تحقق هذا التوازن لوحدها بمعزل عن مجتمعها  فعلى الكفة الأخرى  للميزان.. مصالح الناس وأمنهم وأمانهم واستقرار معيشتهم.. فالدولة ميزانها الحكومة والشعب هما كفتا هذا الميزان والإدارة الرشيدة لها دورها في تحقيق التوازن السهل السلس الآمن الذي يوفر الاستقرار والتنمية والشراكة مع المجتمع ..ومن هنا كان لابد للكفة الثانية أن تكون حافزاً لكي  ينشط أهل الفكر والعمل والأخلاق لشرح أن البلاد القوية  لها هوية أساسية واحدة.. في كل المعمورة ..وإن كل مايتم تداوله عن الهويات الفرعية إنما هو جهل بطبيعة الأمم وبالمجتمع السوري خاصة والشعوب العربية عامة.. وعلى مدار العصور كان للمجتمعات المتحضرة هوية اساسية واحدة جامعة ..الى أن جاء الاستعمار وبدأ ينشر فكر التفرقة ..فصنع الاستعمار  الطائفية واختبأ خلفها مستخدمأً مصطلح الأقليات . وهو بذلك لا يهدف لخير الأقليات أو الأكثرية لينصف مالحق بهم من إجحاف على حد زعمه.. لكنه يتلطى للدول التي تظهر القوة ليضعفها ويبدد شملها ويفرق أهلها في نزاعات لبث التفرقة وتسويف حسابات فردية مغرضة لكل من هب ودب من دون اللجوء الى القانون والقضاء..لينشر الضغينة والخوف بين الناس ..وكانوا من قبل سعداء باجتماعهم وتوحدهم ..وإذا ماعدنا إلى التاريخ… كانت قريش من بطون مختلفة لكنهم بهوية  أساسية واحدة وهي قبيلة قريش وفي المدينة المنورة ُ يثرب ً كان الأنصار والمهاجرين وأهل الكتاب من اليهود والمسيحيين  وغيرهم من أصحاب المعتقدات وكان المجتمع موحدأً بهوية أساسية جامعة ويخاطبهم القرآن الكريم وكل البشرية ..   ٌُيا أيها الناس …ُ و لذلك فإن الجهل يخسر الميزان ..وإن فتك الجهل بالناس ذريع وغلبة الأوهام بسببه  على أفكارهم تذهب بهم بددأً في كل فج وتخيل إليهم أنهم على صواب والواقع أن الجهل يوغل لهم في الضلال ..

وعلاج الجهل  إجراء هام لتحقيق التوازن ونصب الميزان .وذلك بالقدوة الصحيحة والكلمة الطيبة والحلم والصبر والعلم حتى  تنزاح تلك الغشاوة وتذوب القيود في رحاب العمل بعناوين تجمع الناس ولا تفرقهم ..والفرص قادمة  كالمؤتمر الوطني والحوار   والدستور …لوضع أسس الهوية الجامعة التي تراعي  مصلحة الجميع ولم يعد يليق بمجتمع  أكرمه الله بالحرية أن ينزلق في دروب الهويات الفرعية فيضيع الوقت  في اللغو والمهاترات وتذهب الجهود .أدراج الرياح . ونحن اليوم بعد كل العذابات ننظر الى المستقبل نحو سوريا  الدولة  القوية  الصاعدة نحو النمو والتنمية والاستقرار  وهذه هي  الهوية الأساسية الجامعة  التي تتسع وتحتضن الجميع من دون تفرقة ..ويتم التمايز بين الناس بالعمل المثمر والإبداع والإخلاص ..فحيا على الميزان .ويا حبذا تحقيق التوازن .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار