الجفاف يهدد المكون الرئيسي للمادة الغذائية.. والاحتباس الحراري يزداد سخونة
الحرية – محمد فرحة:
كيف نختار مستقبل أمننا الغذائي ونصون شؤوننا البيئية في وقت أصبحت مشكلة البيئة تفرض نفسها في مقدمة مشكلات العالم، ونحن طرف منه؟، فكلما ازدادت درجة التطور زاد الإنسان من إفساد البيئة التي يعيش فيها، فلا أحد يستطيع العيش منكمشاً وبمعزل عن الآخرين.
ومن سوء حظنا أنه بدلاً من تخصيص الشأن البيئي بوزارة مستقلة، قام النظام البائد و”لصقها “بوزارة الإدارة المحلية، فلا الأولى أفلحت ولا الثانية كانت تلقى أدنى درجات الاهتمام، ولاسيما مع كل ما جرى في الشأن البيئي، إذ تلوثت مجاري الأنهار، بدءاً من نهر بردى وسط العاصمة دمشق، مروراً بنهر العاصي وسط مدينتي حمص وحماة، زد على ذلك الأحواض المائية وينابيعها.
في الورقة التي أعدها السكرتير العام لمؤتمر قمة الأرض الذي عقد منتصف التسعينيات في ريودي جانيرو قال : “إنها فرصة لن تكون قابلة للتكرار، وكان يشير إلى التعاون الدولي من أجل إنقاذ البيئة والحفاظ على الأمن الغذائي العالمي كل في مجاله، وإن كانت مواتية الآن، لكنها ستصير مستحيلة إذا أمعنّا التجاهل والتأخير”.
لكن يبدو أنه لم يعجب حكوماتنا السابقة سوى الإمعان بالتأخير وتجاهل كل ما يتعلق بالشأنين البيئي والمائي، وبالتالي الغذائي.
السؤال المطروح الآن على مستوى العالم، ونحن جزء منه: كيف نختار مستقبلنا البيئي والمائي والغذائي نظراً لارتباط حلقاته ببعضها بعضاً؟
المعلومات التي سمعناها وشاهدنا بعضها من قبل حكومة تسيير الأعمال تشي بالتوجه نحو التركيز على القطاع الزراعي وجعله في أولويات اقتصادياتنا، كيف لا وهو مصدر أمننا الغذائي وحصنه المنيع.
لكن هذا يتطلب أيضاً الدفع باتجاه تعزيز دور المنظومة المائية وجعل مسألة الحصاد المائي أولوية بدلاً من فقدانها وهدرها، وخاصة في السنين الممطرة، وهذه القضية غاية الأهمية، فإن توافرت المياه توافرت الحياة ونما القطاع الزراعي.
زد على ذلك، يجب التركيز أيضاً على تحسين الواقع البيئي وحماية الغابات وصونها، قبل أن يرتفع الاحتباس الحراري أكثر وأكثر ، حيث يمتص سطح التربة ثلثي الطاقة الشمسية التي تصل كوكب الأرض، فيكون له كبير الأثر على الإنتاج الزراعي الغذائي.
نوبات الجفاف تهدد ماتمت زراعته
وفي مجال الجفاف الذي نشهد بوادره منذ أشهر وانحباس الأمطار الذي أربك المزارعين، وحتى المساحات التي زرعت قمحاً أو شعيراً، يخشى مزارعوها من عدم استكمال نموها، ما قد يكون له تداعيات كبيرة على المردود الإنتاجي الذي ننتظره ونأمل أن يكون مغايراً للسنوات الماضية.
حيث تلعب المتغيرات المناخية دوراً كبيراً على إنتاجية الأراضي الزراعية، وشاهِدُنا على ذلك سنوات الجفاف التي عصفت بنا خلال السنوات المنصرمة أسوة غير حسنة.
مياه الشرب النقية ضمان الصحة العامة
لم يكن تأثير الجفاف وسوء الأمور البيئية فقط على الإنتاج الزراعي والغابات، بل يعتمد ضمان الصحة العامة إلى حدٍ كبير على مياه الشرب النقية العذبة الكافية، فمن المحتمل، بل من المؤكد أن يؤثر تغييّر المناخ في جميع تلك العوامل.
من هنا يجب الحرص كل الحرص على حسن استخدام المياه ورفع كفاءتها وعدم هدرها، فكل ليتر منها يساوي ثمنه ذهباً عند حاجته.
مدير مشروع تنمية البادية المهندس بيان العبد الله، أوضح لصحيفة الحرية في اتصال هاتفي معه، أن الظروف المناخية اليوم غير مواتية لموسم رعوي خيّر ولا للقطاع الزراعي، فانحباس الأمطار طيلة الأشهر الماضية له منعكسات على كل الصعد، مايتعلق بمياه الشرب والآبار الجوفية ومخازينها، لكن أملنا بالله كبير وستعوض الأشهر القادمة مافاتنا بعون الله.
خاتماً حديثه بأن التركيز اليوم من قبل المعنيين في الحكومة المؤقتة هو على القطاع الزراعي باهتمام ملحوظ وفعال، وهذا ما سيحسن من الواقع الزراعي نحو الأفضل، فواقع البادية اليوم غير جيد لجهة المراعي، وسيكون جافاً تقل فيه النباتات الرعوية، ويزداد الواقع البيئي صعوبة.
بالمختصر المفيد: إن واقعنا البيئي يحتاج إلى المزيد من الاهتمام انطلاقاً من مقولة “سلامة البشر من سلامة البيئة”، والحفاظ على غاباتنا من الحرائق والاحتطاب الجائر وعدم العبث بالغابات. وتبقى مسألة هذه الحرائق هي الكابوس الذي يُهدّد بكوارث المناخ، حيث تشكل الغابات المطيرة دعماً لتحسين الواقع البيئي، إضافة إلى كونها رئات نغترف منها الأوكسجين.
أعتقد أن كل هذه القضايا مجتمعة ستكون محط اهتمام الحكومة المؤقتة والحكومات القادمة، ليكون الإصحاح البيئي وعودة الإنتاج الزراعي والحصاد المائي بوصلة الأيام والأشهر القادمة.