تحرير السوق يتطلب تشكيل مجلس نقد وتسليف.. خبير اقتصادي: النهضة الاقتصادية تعتمد على التشاركية الوطنية
الحرية- هبا علي أحمد:
مع التغيير الذي شهدته وتشهده سوريا، برزت إلى السطح عناوين اقتصادية جديدة على الساحة السورية من حيث تحرير السوق والاقتصاد مع التوجه إلى الخصخصة، ومن المعروف أننا اليوم في طور الانطلاق إلى بناء الاقتصاد وتحقيق نهضة اقتصادية/ تنموية شاملة، لكن السؤال أو الأسئلة التي تُطرح كيف يتحقق ذلك أي بمعنى ماهي أدوات تحقيق النهضة الاقتصادية؟ وإلى أي مدى يُمكن تحرير الاقتصاد والخصخصة وما انعكاسها على السوق والمنتج السوري المحليين؟
يُضاف إلى ما سبق سؤال حول “دولرة” الاقتصاد وانعكاس ذلك على الليرة السورية ولاسيما أن القطع الأجنبي بات متوفراً حتى في الشارع؟
الخبير الاقتصادي عامر شهدا، أوضح لمراسلة “الحرية” أن البنية التحتية في سوريا متعبة وكذلك القوة الشرائية لليرة السورية منهكة وتحتاج إلى معالجة، وبالتالي فإن أدوات تحقيق النهضة الاقتصادية الشاملة، والتي تشمل كل القطاعات التجارية والسياحية والصناعية والنقدية والزراعية، تعتمد على الإنسان أي الكادر البشري أكثر من الاعتماد على الموضوع المادي، بمعنى، تعتمد على الفكر الإبداعي الابتكاري الذي يُمكننا من استثمار المتاح من أجل تحقيق موارد واستخدامها للنهوض الاقتصادي، مشيراً إلى أنه إلى اليوم لم نرَ تشاركية وطنية حقيقية إلّا في مجالات ضيقة، فتلك التشاركية تعني استثمار كافة الخبرات والكفاءات.
وحول تحرير السوق، يرى شهدا أن الانتقال إلى هذا النوع من الاقتصاد يتطلب صبرا شعبيا على اعتبار أننا سننتقل من اقتصاد مخطط إلى اقتصاد سوق، وما ينتج عنه بشكل مؤقت ظهور البطالة والتضخم وازدياد حدّة الفقر في المرحلة الأولى من عملية التحول الاقتصادي، لافتاً إلى أن هذه العملية تتطلب تحرير سعر الصرف وهذا يتطلب تشكيل مجلس نقد وتسليف كأداة أساسية، لأن تحرير أسعار الصرف يلزمها إدارة مهنية ذات خبرات مصرفية عالية، يُضاف إلى ذلك فإن عملية التحول تتطلب وجود ثقافة مجتمعية لجهة قدرة المجتمع على التعامل بالعملات الأجنبية بالشكل الحر، وهذه الأدوات غير موجودة حالياً.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن عملية التحول من اقتصاد مخطط إلى اقتصاد السوق تتخللها إيجابيات وسلبيات على حد سواء..
ومن إيجابيات التحول لا سيما على المستوى المتوسط والطويل، ظهور السعر الحقيقي من خلال تفاعل آليات العرض والطلب، دخول تكنولوجيا وآليات انتاج جديدة، ازدياد معدل الإنتاجية لدى القطاع الخاص بسبب حدة التنافس، دخول رأس المال الأجنبي وارتفاع معدل الاستثمار مع التشجيع على الإبداع والابتكارات في العملية الإنتاجية وتحفيز روح المبادرة في البدء بمشروعات جديدة، إضافة إلى الحصول على القروض والمساعدات الخارجية.
وحول سلبيات التحول لاقتصاد السوق، أشار شهدا إلى زوال الدعم وما يُرافق ذلك من آثار اقتصادية نتيجة لعدم وجود بنية أساسية لعملية التحول المرتبطة بوجود مجلس النقد والتسليف، ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة ارتفاع مستوى الطلب العام، تقليص دور القطاع العام وما يُرافق ذلك من ارتفاع في معدلات البطالة، انخفاض سعر صرف العملة المحلية وارتفاع أسعار المستوردات، إضافة إلى انخفاض حجم التصدير ولكن بشكل مؤقت ومرد ذلك إلى انخفاض سعر الصرف لكن من الممكن أن يعود حجم التصدير إلى الارتفاع بنسب كبيرة وبفترة وجيزة، إلى جانب ازدياد حدة سوء توزيع الدخل عبر الشرائح المختلفة في المجتمع مع ازدياد حدة الفقر بشكل مؤقت في حال استطاعت الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتلافي مسألة انتشار الفقر.
وحول انتشار القطع الأجنبي مؤخراً وإمكانية التعامل به في عمليات البيع والشراء بين شرائح المجتمع، والتساؤل الذي يتداوله العامة حول دولرة الاقتصاد ووضع الليرة السورية، يؤكد الخبير شهدا أن عملية الدولرة في الوضع السوري لا يُمكن أن تتم بشكل مطلق على اعتبار أنه لا بد من وجود عملة وطنية تعد رمزاً وطنياً لا يمكن الاستغناء عنه، وبالتالي عملية الدولرة الحاصلة في سورية عملية مؤقتة ريثما يتم تبديل العملة ووضع سياسة نقدية لكبح جماح التضخم وبغياب مجلس النقد والتسليف السابق الذكر لا يمكن ضبط التضخم لأن المصرف المركزي لتاريخه لم يُعلن عن سياسة نقدية واضحة.