من فات قديمه مات.. هؤلاء نجومنا أم هؤلاء؟!

تشرين- سامر الشغري:

عرض استفتاء على صفحات الفيسبوك في سؤال للجمهور حول اسم صانع المحتوى السوري الأنجح كوميدياً، ولكني عندما قرأت الأسماء تفاجأت بأمرين الأول: بأني لست فقط لم أجد أياً منهم مضحكاً ولا حتى مهضوماً، بل لأنني لم أعرف معظمهم بالمرة.
الأمر الثاني: الذي فاجأني أن جميع المعلقين اختاروا واحداً من هؤلاء كوميديي الفيس، ولم أجد إجابة واحدة تعتبرهم سمجين ولا حتى غير مضحكين، أي إن جمهوراً واسعاً يصف هؤلاء الذين هم في أغلب الأحيان يقلدون النساء بثيابهن وحديثهن ليستدروا الضحك أو يلجؤون للمقالب السخيفة والمستفزة بخفيفي الدم.
أين نحن أهل الصحافة من ذائقة جمهور شباب اليوم أو شريحة منه على الأقل؟ وكيف يعجب هؤلاء ب “اسكتش” لا هو بالناقد ولا بالساخر، لا فيه ترميز الماغوط ولا كاركترات قلعي ولا وخزات ممدوح حمادة، أو بالأدق لا نص موجود بالأصل، ولا شخصيات ولا بنيان درامي، مجرد سرد لقفشات لا رابط بينها، وهي في أحسن الحالات تقليد سيئ لتجربة فادي غازي المتواضعة أصلاً.
عندما تصبح صناعة المحتوى منحدرة لهذه الدرجة، وعندما تنساق معها أذواق شريحة واسعة من الجمهور، فإن الكوميديا السورية التي بزّت الجميع ونافست المصريين أنفسهم هي في اضمحلال، بلا سبب مقنع ولا جوهري سوى أن بعض الشباب معدوم الموهبة والمحب للشهرة، وجد في مواقع التواصل الاجتماعي منبراً ليعرفه الناس ثم ليحقق الإعجابات، وبعدها يبني ثروة، وزوادته الوحيدة جمهور يستخدم الجوال بقصد الترفيه والتسلية، وكلما كان ما يشاهده أكثر سطحية كلما كان أفضل، فهو لا يريد أن يوجع دماغه بقضايا كبيرة ولا حتى صغيرة، ولا يريد أن يفكر ويستنتج ويربط، يريد مادة بسيطة يشاهدها ثم ينساها بسرعة لأنه سوف يشاهد بعدها عشرات المواد المشابهة.
والأعجب من ذلك تلك الدورات التي ملأت فضاء الأنترنت في صناعة المحتوى من بينهم الكوميدي، وهكذا ببساطة يصبح الشاب لا ممثلاً كوميدياً فحسب بل كاتب ومخرج ومنتج أيضاً، ما دام يصور نفسه في اسكتش ليعرضه على الناس وبكل سهولة ويسر، من دون أن يجد نفسه مضطراً لأن يقرا ملاهي أرسطوفان و شكسبير وموليير، ولا يستعيد أعمال شارلي شابلن وكارل راينر، ولا أن يسمع بليونيد غايداي وراج كابور، ولا يطلع على ادوار روان اثكنسون وجون كيري، ولا حتى يشاهد أعمال عادل إمام ودريد لحام.
وهكذا يروج العالم الافتراضي لنجومه، وهكذا تفرض علينا أسماء لا تمتلك الموهبة ولا الثقافة ولا المعرفة، وكنت أتمنى بدلاً من طرح سؤال من الأكثر إضحاكاً من بين: “أم تحسين” و”شادو” و “ابو عبدو”، ان تطرح المنصات والصفحات سؤالاً يقول: من هو عرّاب الكوميديا في سورية، (عبد اللطيف فتحي- حكمت محسن- نهاد قلعي – محمد الماغوط – دريد لحام – ياسر العظمة – أيمن رضا)، أم إن هناك من يريدنا بلا جذور ومن غير ماض عريق يستنهضنا للارتقاء، ويروج لأسماء لم نعرف “قرعة أبوها” أتت من أين؟!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار