عقارات دمشق الأغلى نسبياً.. و«الحلحلة» تتطلّب أفكاراً من خارج الصندوق
تشرين- ليال أسعد:
باتت مشكلة أسعار العقارات في دمشق تؤرق جميع فئات الدخل ضمن المجتمع السوري، بسبب الارتفاعات المتتالية فيها بشكل مطرد، ما يقف حجر عثرة أمام جميع الراغبين في شراء عقارات، سواء لأغراض السكن أم لأغراض العمل، وهذا ما ينسحب أيضاً على أسعار الإيجارات التي تتزايد بشكل دوري (كل ستة أشهر)، الأمر الذي يسبب مشكلات اقتصادية واجتماعية للجميع من أسر وأيد عاملة.
وهذا يعود إلى عدة عوامل، منها تركز معظم الجهات الحكومية في العاصمة، وكذلك الأمر بالنسبة للنشاطات الاقتصادية بمختلف تصنيفاتها.. وفي هذا الصدد يعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن عقارات دمشق هي الأغلى على مستوى دول العالم (نسبياً)، بالمقارنة مع متوسط دخل الفرد السنوي ومع مستوى أسعار السلع والأصول الأخرى (عدا السيارات).
ومن بعض أسباب ذلك محدودية المساحات القابلة للبناء وضعف البنية التحتية وانعدام الخدمات خارج حدود دمشق المدينة، وبالتالي ضعف إمكانية التوسع خارج حدودها، إضافة إلى الكثافة السكانية العالية، بحيث يمكن القول إن نصف سكان سورية يسكنون فيها بشكل مباشر، وغير مباشر أيضاً ارتفاع رسوم الترخيص وصعوبة الحصول على هذا إلا (غالباً) بتكاليف ونفقات غير رسمية وغير مبررة.
ويوضح فضلية سبب الكثافة السكانية في دمشق أنه بسبب تركز الجهات الحكومية ووجود المطار الرئيسي وقربها من الحدود مع الأردن ولبنان، وبالتالي فمن الطبيعي أن تكون أسعار العقارات فيها مرتفعة جداً.
وباعتبار أن أسعار العقارات عالية جداً فمن الطبيعي أن تكون إيجاراتها عالية، لأن الإيجار يحتسب عادة (وبشكل مباشر أو غير مباشر) كنسبة من قيمة العقار، وأيضاً شدة الطلب على الاستئجار، لافتاً إلى أن الدولة لا تستطيع التدخل في كل ذلك، لأن فرض أسعار أو مبلغ إيجار لا يعجب صاحب العقار سيؤدي إلى مخالفة قرارات الدولة أو إلى التمنع عن البيع أو التأجير، لذلك فالمسألة هي عرض وطلب، ويجب أن تبقى كذلك، كما أن سعر الصرف يلعب دوراً مهماً بالتأثير في أسعار العقارات وعلى مستويات بدلات الإيجار بالطبع لكنه ليس العامل الوحيد، بل الأهم منه هو التفاوت ما بين العرض (المحدود) والطلب (الشديد) أو المتزايد.
ومما سبق يمكن القول: إن حل مشكلة العقارات في دمشق وغيرها من المدن التي تعاني كثافة سكانية مرتفعة، يتطلب أفكاراً عملية تبدأ بإعادة هيكلة الأنشطة الاقتصادية والخدمية على مستوى كامل القطر، وتحقيق مفهوم التنمية المتوازنة والشاملة لكل الجغرافيا السورية، ولا تنتهي بإستراتيجيات تقوم على تأمين السكن الاقتصادي، واستعمال وسائل البناء الأقل تكلفة والمنتشرة في أغلب دول العالم.