البابا عن ترامب وهاريس: كلاهما شر!!‏

‏ ‏‏في رحلة عودته من جولة طويلة في آسيا، تحدث قداسة البابا فرنسيس إلى مجموعة من ‌‏الصحفيين المرافقين، وحول سؤال عن رأيه بكل من كامالا هاريس ودونالد ترامب، كان ‏جوابه ‏واضحاً وصريحاً «كلاهما شر، هذه شر، وذاك شر»، ودعا الناخب الكاثوليكي إلى ‏تحكيم ‏ضميره ويصوت لمن يجده أقل شراً بينهما.‏
‌‏ ‏شعار ترامب بإعادة أمريكا عظيمة مرة أخرى، يتضمن تعالياً عنصرياً، ودعوة إلى أحقية ‌‏الأمريكان بالسيطرة والهيمنة على العالم، ومن شدة وقاحة السياسة الأمريكية أعلن ترامب أنه ‌‏سيرحل الملايين من المهاجرين غير الموثقين، وسيرفع التعرفة الجمركية لتصل إلى 100% ‌‏على منتجات البلاد التي لا تتعامل بالدولار الأمريكي، وهذا ما يجعلنا نتذكر قول البابا ‏فرنسيس ‏في العام 2018 تعليقاً على بناء ترامب للجدار في وجه المهاجرين من المكسيك، ‏حيث قال البابا :‌‏«إن من يبني الجدران بدل الجسور ليس مسيحياً».‌‌‏ ‏
‏كذلك فإن شعار هاريس «الحرية» يتضمن معنى ضرورة توفير الحرية لأمريكا ‏وللأمريكيين، أما ‏الفلسطينيون في غزة فلا تتوانى هاريس عن تأكيد دعمها لـ«إسرائيل» في ‌‏«الدفاع عن نفسها» الأمر ‏الذي يعني دعمها للعدوان المستمر على الفلسطينيين منذ 11 ‏شهراً، دون أن تنسى إضافة نكهات ‏مضللة من المساعدات الإنسانية، وهذا ما دفع البابا مراراً ‏لإدانة من يدعون الدفاع عن النفس، ‏وكل مرة أوضح «أسمع أنهم يدافعون عن أنفسهم، واري ‏أنهم يقتلون ويدمرون ويشردون، ‏ويجوعون» وهل من شر أفظع من التجويع والتشريد ‏والإبادة بعرف جميع الأديان والعقائد؟.‌‌‏ ‏
‏في القضية الفلسطينية أيضاً ترامب يطالب نتنياهو بالاستعجال في «تحقيق النصر على ‌‏الفلسطينيين»، وينتقد بايدن لأنه لم يقدم لـ«إسرائيل» ما يجعلها تسرع في سحق الفلسطينيين ‏أكثر، ‏بالمقابل فإن هاريس التي تشكل امتداداً لسياسة إدارة بايدن التي قدمت لـ«إسرائيل» وما ‏زالت تقدم ‏كل أسلحة الإبادة التي تمارسها على الشعب الفلسطيني، ومع مناداتها بحل الدولتين، ‏تترك هاريس ‏مع بايدن المستوطنين ليقوموا بنسف أسس تحقيق الدولة الفلسطينية، ورغم أن ‏الإدارة الأمريكية ‏قادرة على وقف حرب الإبادية التي تقوم بها «إسرائيل» ضد غزة، لكونها ‏تمسك برقبة «إسرائيل» ‏من حيث التمويل والتسليح والحماية الدبلوماسية، إلا أننا نجدها لا ‏تفعل إلا المطالبة الكلامية التي ‏تعتبرها «إسرائيل» شكلاً من أشكال التغنيج والتدليل ليس إلا، ‏وهكذا ترامب يستعجل إبادة ‏الفلسطينيين، وهاريس مثل بايدن تسكت عن ارتكاب هذه الإبادة ‏ولو بشكل أبطأ، وكلاهما ‏هاريس وترامب، والإبادة السريعة أو البطيئة كلاهما شر.‏
البارحة قامت «إسرائيل» بارتكاب جريمة بحق المئات من اللبنانيين باستعمال سلاح تدمير ‌‏إلكتروني تسبب بتفجير أجهزة البيجر ما تسبب بإصابة أكثر من 2800 لبناني بينهم 200 ‏حالة ‏حرجة و9 قتلى، ورغم مسارعة البنتاغون للإعلان أن «لا صلة لواشنطن بتفجيرات ‏البيجر» ‏دون أن تدين «إسرائيل» ودون أن تستنكر الجريمة، وحسب خبراء فإن هذا السلاح ‏التقني لا يمكن ‏لكيان الاحتلال أن تصل إليه دون الولايات المتحدة، وهذه التفجيرات لا ‏تستطيع «تل أبيب» إنجازها دون ‏مشاركة استخبارية أميركية، إنه الشر التقني المفجر، ‏والخوارزميات الشيطانية الخبيثة، الأميركية- ‏الإسرائيلية، وكلاهما شر.‏
‏بالفعل كلاهما شر لأنهما عوضاً عن توجههما لجعل قوة أميركا العظمى عامل تحفيز للتعاون ‌‏الدولي، وعنصراً لاستقرار البشرية، ومنبعاً للسلام بين الشعوب، عوضاً عن قيامها بوظيفة ‌‏الدولة العظمى هذه، تقوم عبر ساستها وإداراتها المتعاقبة بمحاولة فرض سيطرتها على شعوب ‌‏الأرض، واستغلال خيراتها، والتحكم بمواردها، وهذا ما يجعلها منبع الشر المطلق للحرب ‌‏والنزاعات، لتبقى هي المهيمنة وصاحبة الكلمة العليا، إنه الشر عدو الخير الإنساني العام، ‌‏ونقيض الروح الإنسانية الخيرة.‏
‏هذه أمريكا، سواء ربح ترامب، أم فازت هاريس، فكلاهما شر كما قال قداسة البابا.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار