ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟
تشرين- هبا علي أحمد:
إلى الآن لا يبدو أي مؤشرات إيجابية من كيان الاحتلال الإسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة الأميركية حول اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، بل على العكس حتى كتابة هذه السطور، يُعطي الكيان إجابته حول المقترح الأميركي بمزيد من القصف الوحشي التدميري الذي يمتد على مساحة جغرافيا لبنان، تُسانده واشنطن من جهة أخرى برفضها قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال كل من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت.
.. ويُفسَّر عدم صدور مؤشرات فعلية – بعيداً عما يُحكى في وسائل الإعلام- حول اتفاق وقف إطلاق النار بأن الكيان وبشرعنة أميركية يريد أن يُفرغ كل ما في جعبته من إجرام قبل ربع الساعة الأخير إن تمّ التوصل إلى اتفاق وتحقيق ما يعتقد أنها «إنجازات» عبر المزيد من الاغتيالات، وبالتالي تحويل الأنظار عن مجريات جبهة الجنوب اللبناني، حيث المقاومة اللبنانية/حزب الله تُبدع في إيلام العدو وحيث معركة الخيام وكل معارك البلدات اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة التي يعود منها جيش الاحتلال مُحملاً بقتلاه ومصابيه، هذا إن لم يقتل جنوده بنفسه خشية من وقوعهم أسرى في أيدي حزب الله، كما جرى أمس.
بالتزامن مع ما يجري في الميدان والسياسة، يبدو أن الجبهات المُضادة لكيان الاحتلال تزداد اتساعاً، فإلى جانب الأزمات الداخلية والانقسامات السياسية المتفاقمة، وكذلك إلى جانب الرفض العالمي في جانبيه الرسمي لدى العديد من الدول والشعبي لجرائم الاحتلال في غزة ولبنان، وقرار «الجنائية الدولية»، تبرز إلى السطح حادثتان لافتتان، الأولى مقتل الحاخام الإسرائيلي تسفي كوغان في الإمارات، والثانية من الأردن حيث شهد محيط سفارة الكيان في العاصمة عمّان إطلاق نار من أحد الأشخاص قبل أن يتمكن الأمن الأردني من قتله، مع «التقليل من شأن الحدث على أن مطلق النار له سجل إجرامي»، لكن بصرف النظر عن الحيثيات حول الحادثتين إلّا أنها رسائل غير مُبشرة لكيان الاحتلال، ولاسيما أنه جرى الحديث مؤخراً في وسائل إعلام العدو عن ازدياد عزلة «إسرائيل» والخشية من جبهات إضافية من خارج الحسبان، وسبق أن حذّر مسؤولون في الكيان من الخشية من جبهة الأردن على وجه التحديد رغم التعاون الاستثنائي مع الجيش الأردني.
بوريل في بيروت لدفع الجهود الدبلوماسية قدماً والميدان لا ينتظر المفاوضات
ورغم ترقب زيارة لمسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي يصل اليوم إلى بيروت لإجراء مباحثات مع المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم الرئيس نبيه بري، بهدف دفع الجهود الدبلوماسية قدماً، إلا أن ميدان الجنوب لا ينتظر المفاوضات ولا يقف عند كثرة التصريحات، وتتولى المُسيّرات والصواريخ المفاوضات الحقيقية وهي التي ستُلزم كيان الاحتلال بالجلوس على طاولة المفاوضات الفعلية الخالية من الثغرات والألغام، فدوي إطلاق صفارات الإنذار بمختلف مستوطنات الاحتلال لا يتوقف، وتحدّثت وسائل إعلام العدو عن إن إطلاق الصواريخ نحو الشمال متواصل منذ الصباح وقد تم تحديد ما يقرب 100 صاروخ في الساعات الأخيرة، إضافة إلى رشقات صاروخية على الوسط أدخلت مئات آلاف الإسرائيليين إلى الملاجئ مجدداً هذا الصباح، مع توقف حركة السير، إلى جانب استهداف مصنع «سانمينا» المتخصص بإنتاج التقنيات الطبية، بالصواريخ، لكنه في العام الأخير قرر العمل في مجال الصناعات العسكرية، حسب تلك الوسائل.
حزب الله ما زال ينجح في إطلاق الصواريخ إلى وسط «إسرائيل» والمطلة تحت نيرانه
وقالت صحف العدو: حتى حدوث تسوية، التقدير يشي بأن وتيرة النيران سوف تزداد في الشمال، ونرى أن حزب الله، رغم الضربة القاسية جداً التي تلقاها في الأشهر الأخيرة، ما زال ينجح في إطلاق الصواريخ إلى وسط «إسرائيل»، لافتة في الوقت عينه إلى أن مُسيّرات حزب الله التي وصلت صباح اليوم إلى «إسرائيل» استمرت في التحليق لمدة 45 دقيقة.
وقال بروسفير أزران، رئيس بلدية «كريات شمونة» السابق: «اليوم وزع حزب الله صواريخه ومُسيّراته على سكان الشمال من نهاريا وحيفا وصولاً إلى الوسط، وتحول الركض إلى الأماكن المحصنة رياضة مفضلة وتمريناً حيوياً تطلبه قيادة الجبهة الداخلية للطفل والعجوز»
في حين قال ديفيد أزولاي، رئيس مجلس المطلة: المطلة تُدمر تحت نيران حزب الله.. أقوم الآن بتحديث صباح قاس.. ست قذائف ألحقت أضراراً بالعديد من المباني.. تم اكتشاف سقوط آخر لصاروخ ثقيل من دون إنذار.. أضرار جسيمة في الممتلكات.
أما في معارك الميدان، فقد أفادت وسائل إعلام لبنانية في آخر تحديثات الميدان العسكري في معركة «أولي البأس» بأنّ حزب الله اشتبك خلال الساعات الـ24 الماضية مع القوات الإسرائيلية في 9 نقاط اشتباك منها نقطتان حدثت فيهما اشتباكات مباشرة صاروخية ورشاشة من نقطة الصفر، وذلك في محيط ديرميماس في القطاع الشرقي وفي أطراف البياضة عند القطاع الغربي، أسفرت عن تدمير 3 دبابات إسرائيلية، ما يرفع عدد الدبابات المدمرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي البرّي ضد لبنان إلى 54 دبابة «ميركافا» مُدمّرة بمن فيها.
وفي القطاع الشرقي، فإن معركة بلدة الخيام لا تزال مندلعة لليوم السابع على التوالي مع محاولات جيش الاحتلال البلدة من الجهة الشرقية.
الوحل اللبناني لا يزول بسهولةٍ وهو بالنسبة إلى «إسرائيل» تذكيرٌ ممتازٌ بأنّ لبنان هنا ليبقى
إلى ذلك، أقرّت وسائل إعلام العدو باستحالة تنازل حزب الله، داعيةً الحكومة الإسرائيليّة ألّا تُخطئ في تقديراتها بشأنه، مؤكّدة أنّ الوحل اللبناني لا يزول بسهولةٍ، وهو بالنسبة إلى «إسرائيل» تذكيرٌ ممتازٌ بأنّ لبنان هنا لكي يبقى.
واعترف العميد في الاحتياط تسفيكا حاييموفيتش، وهو قائد تشكيل الدفاع الجوي سابقاً، بأنّ مقتل الباحث الإسرائيليّ في علم الآثار في جنوب لبنان يغطي على حادثة أوسع، وهي أنّ الجيش الإسرائيليّ منهك جداً من ناحية الاحتياط والخدمة النظامية، مؤكداً أنه يفقد مع مرور الوقت الحدة والكفاءة والمهنية والقيادة، وهذا المسار زلق.
من جهتها، أكّدت صحيفة «معاريف» أنّه في ظلّ إقرار الجيش بالخسائر المتتالية التي يتكبّدها في قطاع غزّة وجنوب لبنان، فإنّ ما دفعه لواء غولاني خلال الحرب هو أكثر بكثير من أيّ لواء مشاة في الجيش الإسرائيلي.