خلال مشاركته في ورشة عمل حوارية بعنوان” التغيرات المناخية.. التحديات وسبل مواجهتها” المهندس عرنوس: أهمية استثمار مخرجات البحث العلمي والتقانات الحديثة في معالجة هذه الظاهرة
بمشاركة رئيس مجلس الوزراء في حكومة تسيير الأعمال المهندس حسين عرنوس عقدت في قاعة رضا سعيد بجامعة دمشق اليوم ورشة عمل حوارية موسعة بعنوان “التغيرات المناخية .. التحديات وسبل مواجهتها”.
وناقش المشاركون في الورشة التي نظمتها وزارة الموارد المائية بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والإدارة المحلية والبيئة أثر التغيرات المناخية على الموارد المائية والإنتاج الزراعي، وأبرز الإجراءات المتخذة والمقترحة للتكيف والتخفيف منها، والتعريف بمؤشرات التغيرات المناخية وقراءاتها المستقبلية.
وأكد المهندس عرنوس أن التغير المناخي لم يعد ظاهرةً متوقَّعةً أو نظريَّةً، بل حقيقةً واقعةً تتبدى آثارها السلبية بشكل واضح، وهذا ما يزيد من أهمية وضرورة مواجهة هذه الظاهرة ومعالجة تداعياتها، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات وقائية وعلاجية لمواجهة التغيرات المناخية والحد من آثارها على المستويين الآني والاستراتيجي وفق خطط علمية ومنهجية واضحة تحدد دور ومهام كل جهة.
واعتبر المهندس عرنوس أن الورشة تتطلب نقاشاً موضوعياً وعملياً وأن يقترن بنتائج ومقترحات قابلة للتطبيق، من شأنها أن تساهم بشكل فاعل في التخفيف من الآثار السلبية للتغير المناخي، وترصد الإشكاليات بدقة، وتحدد الجهات المعنية بالمعالجة كل فيما يخصه.
وأكد المهندس عرنوس أهمية استثمار مخرجات البحث العلمي والتقانات الحديثة في معالجة هذه الظاهرة، وأهمية دراسة تشكيل لجنة وطنية لمواجهة آثار التغيرات المناخية بمشاركة الوزارات والجهات المعنية والمجتمع الأهلي والجامعات ومراكز الأبحاث، معرباً عن الدعم الحكومي الكامل لهذه الورشة وما ينتج عنها من مقترحات وتوصيات.
وأوضح المهندس عرنوس أن التغير المناخي ليس إشكالية سورية وطنيَّةً فحسب، بل هو ظاهرةٌ عالمية دولية شغلت دول العالم والمنظمات الدولية ذات الشأن، وقال: ليس غريباً على مؤسساتنا الوطنية الاضطلاع بمثل هذه المسؤولية رغم الظروف الخاصّة والصعبة التي نعيشها بسبب الإرهاب الذي أثَّر بشكل سلبيٍّ كبير في المنظومة البيئية الوطنية من حرق وتدمير وتخريب ممنهج طال الثروات الطبيعية والبيئية والجيولوجية والزراعية والصناعية وغيرها، مشدداً على ضرورة إيقاف استنزاف المياه الجوفية من خلال رفع الوعي والحد من الهدر للحفاظ على الموارد وتأمين حاجة الأجيال المستقبلية من المياه.
ولفت إلى الدور الأساسي للجامعات ومراكز الأبحاث العملية في إعداد رؤى متكاملة للتعاطي بشكل علمي ومنهجي لمواجهة التغيرات المناخية، مشيراً إلى أن الهطلات المطرية ذات الغزارات الشديدة في مناطق محددة والأضرار التي تسببت بها وخروج بعض المناطق التي كانت تشكل ينابيع وبحيرات تشكل مظاهر واقعية عن التغير المناخي وأثره المباشر على الطبيعة.
وأشار المهندس عرنوس إلى الآثار السلبية للتغير المناخي على مسارات التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية، ودعا إلى المبادرة لاتخاذ كل الإجراءات الممكنة للتخفيف من هذه المخاطر والتداعيات السلبية، مؤكداً أن الحكومة ملتزمة باتخاذ كل ما يمكن للحفاظ على البيئة والاستقرار المناخي والتقليل من التلوث البيئي الضار، والسعي لتعزيز الغطاء النباتي والتأكيد على الاستثمار غير الجائر للثروات الطبيعية.
بدوره أوضح وزير الموارد المائية في حكومة تسيير الأعمال المهندس حسين مخلوف أن ظواهر التغير المناخي تنعكس سلباً على كمية ونمط وتوزع المتجدد المائي السنوي، وعلى توزع الاستخدامات المائية، مشيراً إلى أهمية انتهاج الأساليب العلمية والتشدد في إنفاذ التشريع المائي لمنع استنزاف المياه الجوفية وتحديث الدراسات.
ولفت المهندس مخلوف إلى التخريب الممنهج من قبل الإرهابيين الذي طال كل مكونات البيئة ولا سيما البنى التحتية كمحطات معالجة الصرف الصحي، وشبكات الري ومنظومات الصرف الزراعي.
من جهته أوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة تسيير الأعمال الدكتور بسام إبراهيم أن الوزارة طلبت من الكليات المعنية إحداث مقررات دراسية تعنى بالتغيرات المناخية وكيفية معالجتها، إضافة إلى التركيز على الأبحاث العلمية المتخصصة بالتغيرات المناخية وبيان آثارها، مؤكداً استعداد صندوق دعم البحث العلمي والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية لتقديم الدعم اللازم لها.
في حين لفتت رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية الدكتورة دارين سليمان إلى أهمية دور الشباب في مجال التغير المناخي وتأثيره على المستوى المحلي والعالمي وضرورة استثمار أفكارهم ومبادراتهم وتوظيفها بالشكل المناسب، مشيرة إلى ضرورة تكوين الوعي اللازم في مجال التغير المناخي وحماية البيئة.
معاون وزير الموارد المائية المهندس جهاد كنعان تطرق إلى واقع الموارد المائية وتأثير التغير المناخي على العجز المائي نتيجة اختلال وتناقص الهطولات وازدياد الاستهلاك بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مشيراً إلى ضرورة مواجهة التغير المناخي من خلال تطوير الخزانات المحلية الحالية، وبناء خزانات جديدة، وتشجيع أنظمة تجميع مياه الأمطار على المستويين الفردي والمجتمعي.
معاون وزير الزراعة الدكتور فايز المقداد أشار إلى أثر التغير المناخي على الإنتاج النباتي، والذي أدى إلى تدن كبير في الحمولة الرعوية في البادية السورية، وإلى انجراف التربة وزيادة العواصف الترابية وتشكل الكثبان الرملية في بعض المناطق، إضافة إلى آثاره السلبية على صحة النبات ولا سيما ظهور سلالات فيزيولوجية جديدة لبعض الممرضات أكثر تكيفاً مع ظروف الحرارة المرتفعة، موضحاً أبرز السياسات الزراعية المتخذة للحد من التغير المناخي مثل تسريع خطوات التحول إلى منظومة الري الحديث وزيادة المساحات الزراعية المروية.
كما استعرض معاون وزير الإدارة المحلية معتز الدوجي المناطق الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية على المستوى الوطني خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2021، مبيناً تأثير التغير المناخي على البيئة من ناحية تدهور الأراضي والتنوع الحيوي.
ولفت الدوجي إلى بعض التدخلات التي قامت بها الوزارة للتكيف مع التغيرات المناخية مثل مشروع تحديث الاستراتيجية الوطنية لإدارة الجفاف.
من جانبه قدم مدير مشروع التغيرات المناخية في الأرصاد الجوية هاشم شربا عرضاً حول واقع التغيرات المناخية في سورية واستشراف المستقبل، وأسباب الظواهر الجوية المتطرفة التي عانت منها مثل الرياح العاصفة والشاهقة المائية.
وفي تصريح للصحفيين بين وزير الزراعة في حكومة تسيير الأعمال المهندس محمد حسان قطنا أهمية هذه الورشة لتعزيز التعاون بين الوزارات المختلفة لوضع استراتيجية متكاملة لمواجهة أثر التغيرات المناخية، لافتاً إلى ضرورة تنظيم الجهود بين كل الجهات التي لديها برامج ومشاريع متخصصة في هذا المجال ما يسهم في التخفيف من أثر التغيرات المناخية.
ونوهت وزيرة الإدارة المحلية والبيئة في حكومة تسيير الأعمال المهندسة لمياء شكور بضرورة توحيد الجهود لتحقيق الأهداف المتعلقة بمواجهة آثار التغير المناخي، وتحديث البيئة التشريعية التي تنظم عمل الجهات المعنية، لافتة إلى دور الوزارة بربط القضية البيئية بين المستويات الدولية والعربية والمحلية.
وخلصت الورشة إلى مجموعة من التوصيات تتضمن وضع استراتيجية وطنية شاملة للتكيف مع التغير المناخي، والاعتماد على المبادرات المجتمعية والشبابية والطلابية ولا سيما في نشر التوعية المجتمعية بآثار التغيرات المناخية وأهم الأساليب الممكنة للتكيف معها، وتحديث البيئة التشريعية المتعلقة بالتكيف مع التغير المناخي، وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة في الإنذار
المبكر للظواهر المناخية، وتحديث أنماط إدارة الموارد الطبيعية ولا سيما الموارد المائية بما يتناسب مع الواقع المستجد والمتوقع.
“سانا”