من كومبارسات في المسلسلات.. إلى قائدات رأي!

تشرين- زيد قطريب:
لا أحد يعلم، كيف حدّد (أربييان بزنس)، أسماء الشخصيات العربية المئة، الأكثر تأثيراً في العالم العربي عام 2023. فعندما يقرأ العربيّ أسماء القائمة، يضع نفسه أمام احتمالين: إما أنه متخلف لا يدري ماذا يحصل في العالم، أو إن القائمة المذكورة كانت مخصصة لشيء آخر، لكنها وردت إلى هنا بالخطأ!.

سوى إنهن جميلات
يُراد لنا أن نعترف بالتأثر بشخصيات لا نعرفها، مثلما هو الحال عندما تتصدر المشهد الفني والفكري والاعلامي، نجمات لا رصيد لهنّ سوى أنهنّ جميلات!.
وبحسبة بسيطة على مواقع السوشيال ميديا، نكتشف أن ما يشغل العقل العربي اليوم، هو البنطلون “المشقشق” وخيانات الأزواج ، ودلال الخليلات، وعمليات التجميل والفضائح، وهاجس جمع المتابعين والاعجابات من أجل قبض الأموال من “تيك توك” و”يوتيوب” و”الانستغرام”.

في الظل
المثقفون اليوم يعيشون في الظل، وتتجاهل المؤسسات في إبقائهم في العتم، حتى عندما كتبنا عن أحدث كتب أدونيس، قال المسؤولون في أحد المنابر العربية: “يا أخي نريد أمراً أشد إثارة من ذلك.. ألم تسمع ماذا جرى في حفلة زواج الفنان الفلاني؟ وهل تعلم أن فلاناً تزوج من فلانة في السر؟”.
معظم فنانات اليوم، مشغولات بعمليات السيليكون والبوتوكس، واستئجار شقق مفروشة في الدول المجاورة. وقد قالها بسام كوسا بشكل واضح في لقائه الأخير: إن هناك من يتخذ التمثيل في الدراما، كستار لممارسة مهن أخرى.
جميع المنابر العربية مشغولة بأخبار الطلاق والزواج وجني الأموال حتى عن طريق الفضيحة. مع أن القاعدة تقول إن ممثلي الدراما، ممثلون فقط، مع وقف التنفيذ، حتى تثبت مواهبهم في المهنة أولاً، وإذا أرادوا التحول إلى قادة رأي، فعليهم المقارعة بالثقافة وحمل الرسالة والإعلان عن الأهداف.. وفلسطين دائماً هي المقياس، فكيف يمكن أن تكون من قادة الرأي، وتتردد في الإجهار والصراخ: “الحرية والتحرير لفلسطين؟”.

نحن هنا وهم هناك
يريد الممثلون العرب أن يقبضوا الأموال، ويحيوا الحفلات على شواطىء المكسيك وجزر الكناري، وهذا حقهم بالطبع. لكن الدخول في قائمة المؤثرين المئة أمر آخر. ألا يشعر بالعار أولئك المتجرؤون على تصوير أنفسهم بلباس البحر على شواطىء إيطاليا، بينما يموت الشعراء والأطفال والفنانون وكل أبناء الشعب في غزة، من الجوع؟. لماذا لا يعتذرون لوسائل الإعلام عن الإجابة، عندما يُسألون عن أحوال الشعوب والفكر وكيف يمكن للثقافة أن تتقدم، عوضاً عن السطحية بالحديث والتعبير بالتفاهة؟ ألم يسمعوا مثل أجدادهم الكرام وهو يقولون: رحم الله امرأً عرف قدر نفسه فوقف عنده؟.

فيديو الفضائح
لقد وصلتنا كل فيديوهات الفضائح، مع فواتير عمليات التجميل التي تجاوزت آلاف الدولارات من أجل نفخ الشفاه، ورفع الخدود وتكبير المؤخرات، ولا مشكلة في ذلك، لكن أن تتحول المتصابيات إلى قائدات للرأي، فتلك جريمة بحق العقل العربي ولن نقول أكثر من ذلك!.
القضية اليوم، تتمحور في تحويل الأطراف إلى مراكز. وهو ما يفسر محاولة الإبقاء على دمشق وبيروت وبغداد، دائماً تحت الضغط. فالغرب يريد جعل القرى عواصم، مثلما هو الحال على صعيد الفكر، فهو يصدر “البلوغرات” كمفكرين وقادة مؤثرين في الشعوب، ويعتّم على المفكرين والفنانين، ويحاول تقديمهم كموضة قديمة.

أحضان ضيقة
هناك متابعين قلائل لصفحة ليندا بيطار، وإعجابات بسيطة عند أسعد الجبوري. سمر سامي لم نعد نسمع عنها شيئاً، وفراس السواح يبدو كأنه يقارع الهواء. أدونيس ملاحق بالاتهامات، وسمير كويفاتي يصارع السرطان وحيداً، برباطة جأش قل نظيرها. لقد مات نوري اسكندر في المهجر، وطاهر مامللي يلقي بسهامه الأخيرة في وجه التيار.. النبلاء كثر في سورية، لكن الأحضان ضيقة!.
ممنوع أن نشير إلى التفاهة بجرأة اليوم، فرأس المال المتوحش القادم من الغرب، يريد لعملية التدجين أن تنجح، وإلا سيلاحق كتّاب القصائد وأصحاب فراشي الألوان، والموسيقيين وباحثي التاريخ، كشذاذ آفاق خارجين عن القانون.

من أنتم؟!
من جعل بطلات السيليكون قائدات رأي؟ أو بالأحرى من حقن البوتوكس في عقولهن حتى كبرت “الخسّة” في رؤوسهن وأصبحن ينظّرن على الشعوب في الفكر والثقافة والفن؟ ألا يؤكد ما يجري، أن عملية تدمير الذائقة والفكر العربي والقيم، تجري على قدم وساق.
ممثلات اليوم، يختصرن حال المجتمعات العربية، مثلما هو وضع النجوم العرب. فأولئك البائعون كنوز أمتهم بحفنة من الدولارات، لا يريدون شيئاً سوى الدعم الإعلاني الشهري، مع ما يمكن تحصيله من مكافآت تقدمها المؤسسات المشبوهة. إنهم الأطراف الطامحة لأن تكون مركزاً.. ولكن هيهات!.

لم يخطىء بسام كوسا الهدف، ونحن نطالب اليوم جميع الممثلات الساكنات في شقق مفروشة في الدول المجاورة: من أين تأتين بالمال؟ ومن يصرف عليكنّ أيتها السيدات قائدات الرأي؟ فنحن لم نركنّ في مسلسل أو دراما هذه السنة! والبعض منكنّ ليس لديه رصيد أصلاً في التمثيل. فبالله عليكن، يا قوافل الكومبارس.. من أنتم؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار