الأبعاد الاقتصادية والسياسية لزيارة الرئيس الأسد إلى روسيا الاتحادية

قام السيد الرئيس بشار الأسد بزيارة عمل إلى (روسيا الاتحادية) وهي الثامنة منذ عام/2000/، وتترافق هذه الزيارة مع الذكرى الثمانين /80/ لإقامة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين منذ 14/3/1944.
و(روسيا) وريثة الاتحاد السوفييتي السابق التي هي أول دولة اعترفت باستقلال سورية، ولكن العلاقة متجذرة في التاريخ ومنذ آلاف السنين من خلال علاقاتهما الروحيّة والاقتصادية والثقافية وغيرها، وقد تركزت المباحثات حول مجمل العلاقات والتطورات السياسية والعسكرية في العالم وخاصة في شرق المتوسط، والتوقعات والاحتمالات القادمة ولا سيما بعد زيادة التوتر في البحرين الأبيض والأحمر وإلى حد ما البحر الأسود وبحر الصين وآلية التعامل معها والاحتمالات المستقبلية في ظلّ التطورات السريعة للأحداث، وقال الرئيس بوتين: “إن علاقاتنا التجارية والاقتصادية، فيها الكثير من المسائل المطروحة أيضاً، وهناك اتجاهات واعدة والزيارة توفر فرصة للحديث عن منظومة علاقاتنا بأكملها، ولم نرَر بعضنا بعضاً منذ فترة طويلة، وأنا مهتم جداً بمعرفة رأيكم حول كيفية تطور الوضع في المنطقة ككل، ولسوء الحظ  تميل الأمور إلى التفاقم كما نرى، وهذا ينطبق أيضاً على سورية بشكل مباشر”.
وهذه الزيارة ستترك بصماتها على مستقبل المنطقة بشكل عام والبلدين بشكل خاص، وتاريخها يؤكد احترامها لمواثيق الأمم المتحدة والشرعية الدولية، فقد استخدمت حق (النقض VETO) ضد فرنسا واحتلالها لسورية بتاريخ 16/2/1946، وأسقطت مشروع قرار فرنسي يفرض شروطاً على مطلب الوفد السوري لدى الأمم المتحدة بسحب القوات الفرنسية والبريطانية المُستعمِرة من سورية ولبنان، وهنا تجدر الإشارة إلى أن روسيا هي أول من كشف عن مضمون وأسرار اتفاقية (سايكس بيكو) سنة /1917/ بعد انتصار الثورة البلشفية بقيادة (فلاديمير إيليتش لينين)، وبموجب الاتفاقية  تمّ تقسيم منطقتنا بما مهدّ لقيام الكيان الصهيوني، وتؤكد الوقائع أن التعاون الروسي- السوري ساهم في بناء مرتكزات التنمية الاقتصادية وعبر اتفاقيات، وخاصة في مجال النفط منذ  خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وأن أول صفقة أسلحة للجيش السوري كانت عام /1957/ كانت من روسيا لحماية الأرض السورية، إضافة إلى وجود اتفاقيات تعاون عبر تاريخ علاقة البلدين، فهل نشهد تدفق الاستثمارات الروسية إلى سورية لتساهم في إعادة الإعمار والبناء وترميم ما دمّرته الحرب الإرهابية على سورية من تاريخ 15/3/2011 وخاصة في مجالات البنية التحتية واستثمار الثروات السورية؟ فهل ترتقي العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستوى العلاقات السياسية والعسكرية؟ علماً أنّ روسيا استخدمت حق النقض حتى الآن /17/ مرة ضد المشاريع الأطلسية – الأمريكية ضد سورية، والدولتان تقفان  في خندق واحد بمواجهة الإرهاب ومشاريع الاستعمار القديم والحديث، وتدعوان إلى تطبيق الشرعية الدولية وتخفيف بؤر التوتر الجيوسياسية وإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة وسورية ولبنان، وقال الرئيس بوتين مخاطباً الرئيس الأسد: “موسكو ودمشق اكتسبتا، أثناء العقود الماضية، خبرة ثريّة للتعاون الثنائي في العديد من المجالات المختلفة وإن هذا يتفق تماماً مع مصالح شعبي البلدين”.
فهل تعزيز العلاقات المستقبلية مثل: التوجه للتعامل بالعملات الوطنية للبلدين وفتح بنوك مشتركة – تفعيل عمل اللجنة السورية – الروسية المشتركة لترتقي إلى مستوى طموح الشعبين – وضع الخطط والإجراءات لمواجهة الإرهاب الاقتصادي الأطلسي من عقوبات وحصار على البلدين – فك العلاقات الارتباطية مع الاقتصاد الغربي الأطلسي وخاصة بوجود  بدائل دولية مثل: (البريكس وشنغهاي والاتحاد الأوراسي – تفعيل مشاركة القطاع الخاص في البلدين لتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما – تطوير عمل مجلس الأعمال السوري – الروسي المشترك – توقيع اتفاقيات اقتصادية على المدى القصير والمتوسط والطويل الأجل – تقديم مزايا تفضيلية للتعاون وتسهيلات ائتمانية ومصرفية وقرض ائتماني والتبادل بالمقايضة…إلخ، وهذه بعض المقترحات والتي يجب أن تترافق مع تطوير العلاقات الثقافية والعلمية وغيرهما، هذا ما نتمناه بالذكرى الثمانين للعلاقات الدبلوماسية الروسية- السورية الرسمية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار