يقدمون استقالاتهم بحثاً عن “رزق” أفضل.. ونقابة عمال النقل البحري تحذر من انعدام العمالة الخبيرة قريباً
تشرين- صفاء إسماعيل:
هموم بالجملة يعاني منها القطاع البحري، والتي أرخت بثقلها على كاهل العمال من جهة، وواقع حال المؤسسات البحرية من جهة ثانية، ما رشح عنه استقالات كثيرة لعمال باتوا يبحثون عن فرصة عمل أخرى تؤمّن لهم دخلاً جيداً “يعيّش” عائلاتهم سواء داخل البلاد أو خارجها.
عمال في قطاع النقل البحري باللاذقية أكدوا في حديث لـ” تشرين” عن عدم تناسب رواتبهم وتعويضاتهم الشحيحة مع غلاء المعيشة، وعدم المساواة بين جميع العمال من ناحية طبيعة العمل والحوافز التي يتقاضونها بموجب نظام الحوافز القديم، في ظل تعثر النظام الجديد الذي لا يزال برسم التريث، مضيفين: واقع الحال دفع الكثير من العمال إلى تقديم استقالاتهم والسفر خارج البلاد.
عمال: رفع قيمة الحوافز وطبيعة العمل تناسباً مع جهودنا وغلاء المعيشة
وطالب العمال برفع سقف الضمان الصحي بشكل مقبول ليتناسب مع الأسعار الحالية وخاصة مع ارتفاع أجور التحاليل الطبية، وأسعار الأدوية التي تضاعفت بنسبة كبيرة تصل إلى 100٪ لبعض أنواع الأدوية، كما طالبوا بضرورة تثبيت العقود السنوية في قطاع النقل البحري وتحويل عقود الموسميين والمياومين إلى مثبتين كونهم من صلب العملية الإنتاجية، خاصة أن عدداً كبيراً من العاملين أصبحت أعمارهم كبيرة وباتوا على أبواب التقاعد ومضى على تعاقد بعضهم مع المؤسسات التابعة لقطاع النقل البحري أكثر من عشر سنوات.
لا توجد مساواة في طبيعة العمل
بدوره، أكد رئيس نقابة عمال النقل البحري والجوي في اللاذقية سمير حيدر في حديث لـ”تشرين” أنه غداة صدور المرسوم رقم 252 الخاص بالحوافز وبعد المصادقة عليه وإقراره، وجّهت رئاسة مجلس الوزراء للتريث بالقرار بعد ملاحظة كتلته المالية الكبيرة وإعادة الدراسة مرة أخرى، فيما تم إصدار قرار بإعادة العمل بنظام الحوافز القديم مع مفعول رجعي يمنح العمال حوافزهم عن الفترة التي لم يتقاضوها فيها، والتي استمرت شهور عدّة.
وأضاف حيدر: رغم أن النظام القديم للحوافز مجحف بحق العمال، إلا أنه أفضل من لا شيء، ريثما يتم تعديل النظام الجديد للحوافز، خاصة أن النظام الجديد يختلف كثيراً عن القديم من ناحية نسبة الحوافز .
وفيما يتعلق بطبيعة العمل، بيّن حيدر أن أغلبية العمال يقبضونها وفقاً للقانون، لكن هناك إجحاف بحق العمال، مدللاً بوجود مهندسين يعملون على سبيل المثال في المعلوماتية أو الزراعة يتقاضون طبيعة عمل، بينما هناك مهندسون آخرون لديهم الاختصاص نفسه لا يتقاضون طبيعة عمل، مؤكداً أن اتحاد العمال يقوم بالمتابعة والتواصل مع رئاسة مجلس الوزراء من أجل المساواة بين جميع المهندسين والعمال كل بحسب عمله.
حيدر: القطاع البحري الرافد الأقوى لخزينة الدولة وبحاجة للاهتمام والدعم
وأشار حيدر إلى أن الظروف المعيشية للعامل صعبة جداً وراتبه لا يكفي أجور نقل والحاجات الضرورية جداً لعائلته، مطالباً بنسبة محددة من التعويضات على الراتب المقطوع تتناسب مع الوضع المعيشي الحالي، والتي يتطلّب إقرارها جهوداً كبيرة بين وزارة النقل والإدارات والاتحاد العام للعمال، من ناحية الحوافز وطبيعة العمل، مضيفاً: في حال تم إبقاء العمل بموجب نظام الحوافز القديم، يجب زيادة نسبة التعويض لتحسين الوضع المعيشي للعامل، فمن غير المقبول الاستمرار بتحديد الحوافز للعمال في المرفأ بناء على تحقيق إنتاج 60 ألف طن شهرياً، إذ إن هناك شهوراً تمر من دون تحقق نسبة الإنتاج ولا تتجاوز 30 ألف طن.
وإذ أكد حيدر وجود استقالات كثيرة في القطاع البحري، أوضح أن عدداً كبيراً من المهندسين يقدمون استقالاتهم، في الوقت الذي فيه معظم العمال الموجودين حالياً أعمارهم كبيرة، وللأسف لا يتم تعيين عمال لديهم خبرة في مجال القطاع البحري ليكونوا مؤهلين لأخذ مكانهم عندما يحال أولئك العمال إلى التقاعد، وأضاف: بعد أعوام قليلة لن يكون لدينا عمال لديهم خبرة في العمل البحري سواء في التوكيلات الملاحية، النقل البحري، الموانئ.
إجراء مسابقات بغض النظر عن شروط وزارة التنمية الإدارية
وأوضح حيدر أنه تم تشميل العاملين في قطاع النقل البحري بالضمان الصحي، مبيّناً أن عدد العمال في قطاع النقل البحري يتجاوز 2000 عامل موزعين على مرفأ اللاذقية ومؤسسة النقل البحري وشركة التوكيلات الملاحية، لافتاً إلى أن مطالب العمال الموظفين بعقود سنوية بضرورة تثبيتهم هي محقة، حيث يتراوح عددهم 100 عامل، مضى على وجود عدد منهم في قطاع النقل البحري أكثر من 10 سنوات يعملون بصفة مؤقتة، مشيراً إلى أن النقابة طالبت عدة مرات عبر الاتحاد العام بضرورة تثبيتهم.
وأكد حيدر أن الوضع في القطاع البحري ليس جيداً سواء في الشركة العامة للنقل البحري، التوكيلات الملاحية، مرفأ اللاذقية، إذ لا يوجد عمال ولا آليات ولا بنى تحتية، مدللاً أن الباخرة التي كانت تؤم المرفأ وتستغرق أعمال تفريغها من حمولتها البالغة 25 ألف طن يومين فقط، باتت حالياً تستغرق 15 يوماً بسبب قلة الإمكانيات والخدمات من عمال وآليات وبنى تحتية، بالإضافة للإجراءات الإدارية والقانونية.
الباخرة التي كانت تؤم المرفأ وتستغرق أعمال تفريغها من حمولتها البالغة 25 ألف طن يومين فقط، باتت حالياً تستغرق 15 يوماً بسبب قلة الإمكانيات
والحل برأي حيدر، إعادة النظر بالقطاع البحري ودعمه وإحياؤه من جديد، خاصة رفده بالعمال من ذوي الخبرة باعتبار أن القطاع البحري هو عمل مهني، ويحتاج تعيين العمال إلى إجراء مسابقات بغض النظر عن شروط وزارة التنمية الإدارية، وترك الموضوع لكل إدارة تحديد تحديد شروطها لأنها أعلم بمصلحتها وآلية عملها، بالإضافة لدعم القطاع البحري فيما يتعلق بالآليات، مشيراً إلى وجود آليات في المرفأ عمرها 50 عاماً لم يتم تجديدها.
ودلل حيدر بأن عدم توفر عمال ميكانيك لديهم خبرة وباع طويل ترك أثراً سلبياً، ففي اللاذقية لا يوجد أكثر من 10 أشخاص لديهم خبرة في ميكانيك إصلاح الزوارق البحرية ولذلك يوجد في اللاذقية زوارق بحرية مهملة ومنسيّة بسبب قلة الصيانة والإهمال والعبث بها رغم أن ثمنها مئات المليارات.
وشدد حيدر على أن القطاع البحري هو الرافد الأقوى لخزينة الدولة من القطع الأجنبي ورافعة الاقتصاد الوطني، ويجب دعمه بكافة الوسائل خاصة أننا مقبلون على مرحلة إعادة الإعمار، مبيناً أن الوضع الحالي للقطاع البحري، وخاصة المرفأ غير مهيأ لمواكبة هذه المرحلة.